في بعض مؤسساتنا يعبثون ويخطبون

في بعض مؤسساتنا يعبثون ويخطبون
د. حفظي اشتية
حافظ #العرب على فصاحة لغتهم في جزيرتهم، لكن مع اختلاطهم بغيرهم من الأقوام، وتوالي #الأَعصار وتباعد #الأمصار، دبَّ الوهن في لغتهم، وتسلّل إلى ألسنتهم اللحن(مخالفة قواعد اللغة الفصيحة)، وبقي #الأعراب في صحرائهم بمنأى عن اللحن لعزلة منازلهم وقلّة مخالطتهم.
دخل أعرابيّ السوق يوماً حيث فشا اللحن، وتوارت سلامة الفصحى، أو كادت، فهاله ما يسمع، وصرخ صرخة ذهبت مثلاً، إذ قال:
سبحان الله، يلحنون ويربحون، ونحن لا نلحن ولا نربح.
أمّا نحن فنقول: #الفاسدون يعبثون ويتشدقون بالانتماء، و #الأمناء يخلصون ويُتهمون بالافتراء.
ولأنّ الشجى يبعث الشجى، فقد ذكّرتني حادثة الأعرابي بحالة بعض #المسؤولين في بعض مؤسساتنا:
-يعبثون بالمال العام، ويخطبون يعبّرون عن هيامهم بحبّ الأوطان، ويدّعون الحرص التام على مقدرات المؤسسات، وميزانياتها، وخفض مديونياتها، ومستقبلها، وسمعتها، وسلامة أركانها.
-يعبثون بالمال العام، ويلاحقون بعض المدرسين المساكين، أو الإداريين النظيفين، فيفصلونهم من عملهم لأنهم – كما يدّعون- لم يلتزموا بالقوانين التي تتسع وتضيق طبعاً وَفق أهواء هؤلاء المسؤولين، ومآربهم، ومكائدهم، وألاعيبهم.
-يعبثون بالمال العام، ويلفقون التهم هم وأزلامهم للمخلصين كي يفصلوهم من عملهم، أو يحجبوا عنهم جزءاً من رواتبهم ومكافآتهم دون أيّ وجه حق قانوني أو أخلاقي، ليوفروا المزيد من الأموال يظلّ تحت أيديهم للمزيد من عبثهم، وأهوائهم، وطموحاتهم الشخصية غير الشرعية.
-يعبثون بالمال العام، ويمتصون نسغ الحياة من شرايين الآباء والأمهات، لدفع الرسوم الباهظة، والإتاوات المقوننة بالرسوم التعجيزية والكتب الإلزامية، ولا يرحمون ضيق حال الأهل الذين يئنون، ويقتطعون اللقمة من أفواههم لاستكمال مطالب تعليم أبنائهم.
-يعبثون بالمال العام، ويعيّنون بعض العمداء من نزلاء السجون، مرتكبي الجنايات، المسربلين بالأخطاء والخطيئات، لأنهم شركاؤهم في العبث والولائم والهدايا والرحلات والاستثمارات والعقارات …. إلخ.

  • يعبثون بالمال العام، ويخرجون إلى الإعلام ببسمات لزجة يتحدثون عن الإنجازات، والنطّ على سلالم التصنيفات، والرؤى والأوراق والقوانين والأنظمة والتعليمات… إلخ.
    -يعبثون بالمال العام، وهم يوزّعون – دون أيّ وجه حقّ – الترقيات على بعض سارقي الأبحاث، والمناصب والمكاسب والعطايا والمكافآت، ويطلقون أيديهم في التضييق على خلق الله الجادين في عملهم ، لتطالهم الاتهامات، وتلاحقهم العقوبات….. إلخ.
    -يعبثون بالمال العام، وهم يبعدون كلّ قويّ أمين عن مصادر القرار، ويقربون كلّ مَن هم على شاكلتهم من الظُلّام والأدنياء، أو الضعاف الإمعات الببغاوات يتخذونهم لهم خدناً، وأدوات طيّعة في العمادات والإدارات ولجان التحقيق التي تُبرمَج آلياً لاستصدار القرارات الظالمة المطلوبة لتصفية الحسابات، وتشويه السمعة واغتيال الشخصيات، واستنزاف المظلومين مادياً وصحياً ومعنوياً ونفسياً.
    -يعبثون ويعبثون ويعبثون ويعبثون ….. ويملأون الدنيا ضجيجاً إعلامياً زائفاً، ويملأون قلوبنا ألماً وقيحاً نازفاً، ويدمرون المؤسسة لتتحوّل إلى استثمارات ومطاعم ومولات …. ويفرّغونها من كلّ نظيف شريف، ويتركونها قاعاً صفصفاً لا يذرون فيها إلّا سمّاعات ضوضائية فاسدة، تعيد أسطوانات مشروخة مكرورة مملولة زائفة عن الولاء والانتماء والالتزام الحذافيري بتطبيق القوانين !!!!!
    حقّاً :
    “إذا لم تخشَ عاقبة الليالي ولم تَسْتَحْيِ فافعل ما تشاءُ”
    يا أصحاب القرار، يا سامعي الصوت، منذ سنين ونحن نصيح:
    أنقذوا بعض مؤسساتنا من العابثين الفاسدين الظالمين، وحافظوا على وطنٍ هو بحقّ “دُرّة الأوطان”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى