في اليوم العالمي لكتاب الطفل / شروق جعفر طومار

في اليوم العالمي لكتاب الطفل

شروق جعفر طومار

بينما نحن نحتفل هذه الأيام في الأردن باليوم العاملي لكتاب الطفل الذي يصادف الثاني من نيسان، والهادف إلى لفت الانتباه لأهمية كتاب الطفل في تنمية وعيه وتطوير قدراته، علينا أن نلتفت إلى قضية مهمة جدا وهي علاقة الطفل العربي بكتاب الطفل العربي.

فرغم الانتشار الكبير للكتب العربية الموجهة للطفل، إلا أن هناك حالة من الاغتراب بين الطفل وكتابه باللغة العربية، والانصراف الى الكتب الأجنبية وخصوصا الانجليزية.

مقالات ذات صلة

مرد هذه الحالة بالدرجة الأولى إلى انخفاض اهتمام دور النشر بالنوع والمحتوى لحساب الكم والانتشار والمبيعات، وغياب معايير خاصة للموافقة على الطباعة والنشر وعدم اخضاع المنتج لعمليات تقييم أو تحكيم متخصصة.

تسبب ذلك في إنتاج آلاف كتب الطفل العربية سنوياً، غير المستندة إلى أسس علمية في بناء محتوى يستحوذ على وجدان الطفل ويحترم عقله ويداعب احتياجاته ويراعيها وفقاً لنموه العمري، ويبث القيم والأخلاقيات بقالب ممتع، مرح، يفتّق خيال الطفل ويحفزه على التفكير خارج الصندوق بعيداً عن أسلوب الوعظ والتأديب، ويحاكي أيضاً الحياة العصرية الصاخبة المضطردة التي يعيشها، وهو ما يتوفر في معظم كتب الطفل الأجنبية ويغيب عن غالبية كتبه العربية.

كل ذلك أسهم في نشوء صورة نمطية سلبية لدى الطفل عن الكتاب العربي تتسم بالملل والرتابة والانفصال عن العصر والحداثة، وحد من فرصة وصول الطفل إلى الكتب العربية ذات المحتوى الإبداعي المتميز والقادرة على منافسة الكتاب الأجنبي والتغلب عليه، والمتواجدة بنسب ضئيلة جداً، بسبب عدم وجود توجه حقيقي لدعهمها والترويج لها.

هذه القضية تتطلب جهوداً حثيثة، متواصة، ومتكاتفة، تتشارك فيها جهات متعددة؛ فدور النشر عليها أن تعيد النظر بمعايير قبول طباعة ونشر كتب الأطفال اعتماداً على أسس كثيرة حاولت ذكر بعضها، وفي الوقت ذاته يجب أن تجد دور النشر تلك، منافذ لترويج منتجاتها لتحقق ربحاً يضمن عدم ندمها على التغيير الذي انتهجته والذي سيكبدها بالتأكيد نفقات عالية.

أول تلك المنافذ يجب أن تكون مؤسسات التربية والتعليم، من خلال إعادة تفعيل المكتبة المدرسية، وأن يتولى عملية انتقاء الكتب في مكتبات المدارس متخصصون في نقد وتحكيم كتب الأطفال، لضمان مبيعات عالية للكتاب المتميز، ومن ثم ضرورة إلزام المدارس بزيارة طلبتها دورياً لمكتباتها، وتدريبهم على كيفية اختيار الكتاب المناسب، كي لا تبقى كل الإجراءات شكلية لا تحقق الهدف النهائي منها.

المكتبات العامة عليها أن تلعب دوراً موازياً لدور المدراس في ذلك، من خلال انتقاء كتبها، ودعوة المدارس لزيارتها، وإقامة الفعاليات والمسابقات المختلفة للقراءة وبشكل خاص في العطل المدرسية.

إلى جانب ذلك، على والديّ الطفل أيضاً دوراً مهماً في إعادة الاعتبار لكتاب الطفل العربي في البيت العربي من خلال بذل جهد إضافي في البحث والتحري عن المحتوى النوعي، وعدم اقتناء الكتب جزافاً لمجرد إخلاء مسؤوليتهم بتوفير الكتاب في البيت أياً كان مستواه، واقتطاع جزء من وقتهم للقراءة لأطفالهم باللغة العربية تحديداً، وخصوصاً في سنوات عمرهم الأولى.

علينا جميعا الكف عن التنظير في الندوات والفعاليات الاحتفالية، وأن نضع خطة تشاركية بين الجهات والقطاعات المختلفة من أجل تغيير هذا الواقع، وأن نترجم هذه الخطط لأعمال حقيقية فورية ومستدامة، فأي سلبية أو انتظار سيكلفنا بالتأكيد المزيد من الخسائر.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى