في #المركز_الوطني_للمناهج
الإطار العام و #الكتب_المدرسية
د. ذوقان عبيدات
أنجز المركز الوطني للمناهج وثيقة هامة جدا تسمى : الإطار العام للمناهج الأردنية، ولغير المختصين أقول : هذا الإطار يشكل #رؤية_تربوية مستقبلية توجه كل عمليات تأليف الكتب وإعداد #المعلمين و #استراتيجيات #التدريس واستراتيجيات #التقييم و #التقويم .
والإطار العام للمناهج :
- وثيقة أساسية تعرض القيم والأهداف والنتاجات والمعايير والمبادئ والرؤى التي تحكم عناصر المناهج والكتب المدرسية.
- وثيقة مرجعية لإيجاد توافقات في الآراء بين جميع أطراف العمل التربوي .
- وثيقة تحدد أدوار ومسؤوليات أصحاب القرار والمجالس واللجان والمعلمين والمقيمين .
- وثيقة توجه متعلمي القرن الحادي والعشرين وفق مهارات هذا القرن .
- وثيقة تسمح بإدراج القضايا المستجدة وطنيا وعالميا .
( مفهوم الإطار العام : 2020 )
وكانت فلسفة هذا الإطار مرتكزة على الأدب التربوي الحديث ، مثل بناء الشخصية، ومهارات الحوار والتفكير والتواصل، واستخدام تقنيات العصر وفق القوانين الأردنية والاستراتيجية الوطنية لتنمية الموارد البشرية المعروفة باسم استراتيجية عويس في إشارة للدكتور وجيه عويس .
هذا الإطار كان غطاء شرعيا لكل من يسأل ويتابع فحين سئلنا من قبل الدولة والمنظمات الدولية عن : حقوق الإنسان، أعددنا تقريرا شاملا يبين أن حقوق الإنسان قضية أساسية في الإطار العام ، وردت في المبادئ والقيم والتوجهات … الخ
- النوع الاجتماعي ، أعددنا تقريرا شاملا أيضا
- العنف، المرأة، القرار الدولي 1325 المتعلق بالنساء.. الخ وهكذا كان الإطار غطاء شرعيا سلفا ” ما فرّط فيه من شيء “
في الإطار ترى اهتماما بفلسطين، وحقوق الطالب والتفكير والبيئة والمواطنة والتكنولوجيا والمستقبل … الخ
وكل من اطلع على الإطار – وبرأيي لم يطلع عليه غير من أعدوه – يفخر بأن لدينا وعيا تربويا معاصرا وأصيلا يركز على كل ما يجب أن يتوافر في كتاب أو مدرسة أو سلوك معلم وطالب .
في الإطار أيضا ما لو اطلع باحث أو مفكر عليه لوجد وضعا حضاريا يعكس أننا أصحاب فكر ووعي تربوي .
سأتوسع في نقل ما في الإطار، لأنني سأجيب عن سؤال: ما مدى انعكاس هذا الإطار في الكتب المدرسية الصادرة بموجبه ؟ ولماذا ؟
ولذلك فإن تقييم الكتب المدرسية يجب أن يتم بموجب معايير الإطار العام ، وإلا فقد الإطار قيمته ، وبقي غطاء شكليا نفتخر فيه أمام العالم : لدينا مواطنة وحقوق إنسان وتفكير ومساواة ومكانة محترمة للمرأة …الخ
2
وماذا بعد في الإطار العام ؟
حدد الإطار العام منطلقات أساسية تمثلت في :
- كتب رشيقة تخلو من الحشو والمعلومات والتفاصيل غير اللازمة، ليتمكن الطلبة والمعلمين من التفاعل إيجابا معها .
- كتب تتحدث مع المتعلم ولا تتحدث إليه أو عنه، فالكتاب يحاور المتعلمين، ويسمح لهم بالحوار .
- كتب ممتدة عموديا وليس أفقيا، أو كما يقولون: لا نريد كتبا بأفق عشرة أميال وعمق سم واحد .
- كتب تطرح أسئلة، وتسمح بأسئلة، ولا تقدم الحقائق الجاهزة، كتب تسمح بالنقد والتحليل والشك .
- كتب تركز على المفاهيم والمبادئ لا المعلومات والحقائق وشتان ما بين المنهجين !!.
- كتب تتعامل مع الطالب كباحث ، وتعده كباحث لا كعالم يفتي بقضايا علمية، والباحث هنا شخص يتأمل ويفكر ويجرب ويشك ويقرر ..الخ
- كتب تقدم مشكلات لها جوانب ترتبط بمواد دراسية متعددة ، فالمشكلة لا تحل من خلال حسابات أو مهارات لغوية وغيرها بل تضع الطالب أمام جوانب عديدة .
- كتب تسمح بالتعلم في مجتمعات متعلمة، وتنظم عمل الطالب في فريق ، وتحفزه على المشاركة الفاعلة .
- كتب تسمح للطالب بإنتاج المعرفة بدلا من استهلاكها .
- وأخيرا ، كتب تحوي مفاهيم عابرة للمواد، فما هذه المفاهيم ؟
3
المفاهيم والقضايا العابرة للمواد الدراسية
هذه مفاهيم لا ترتبط بمادة دراسية ما، بل بحاجات الطالب والمجتمع ولذلك يمكن تضمينها في كل المواد .
وقد حدد الإطار العام للمناهج هذه القضايا بما يأتي :
- مهارات الحياة والحوار والاتصال والتفكير والإتيكيت .
- مهارات التفكير والتأمل والنقد والإبداع وإنتاج المعرفة والذكاء العاطفي .
- مهارات التفاعل مع البيئة والتنمية المستدامة والمسؤولية البيئية ، والعلاقات الإيجابية مع البيئة .
- مهارات إنسانية وطنية، والهوية الوطنية، والدفاع عن القضية الفلسطينية والدولة المدنية والمواطنة والنوع الاجتماعي، والتنوع .
- مهارات بناء الشخصية وإدارة الذات والوقت والأزمات والتعلم المستمر .
- مهارات العمل، والعمل المنزلي والابتكار والمسؤولية والأخلاق المهنية والتطوع .
- مهارات المستقبل وإعداد الرؤية والتعبير والتخطيط والتنبؤ والاستشراف .
- مهارات ذات صلة بحقوق الإنسان وحقوق الطفل والمرأة وسيادة القانون .
- مهارات الوعي الصحي والحفاظ على المرونة الجسدية والرشاقة ولغة الجسد والمناعة.
هذه المهارات يجب أن تشمل كل كتاب مدرسي سواء كان علوما أم رياضيات أم لغة أم تاريخا … الخ وتشمل كل صف من الروضة حتى الجامعة ،وقيمة هذه المهارات أنها تجعل الحياة المدرسية : - أكثر ارتباطا بحاجات الطلبة وحاجات المجتمع .
- أكثر واقعية ومرحا وبهجة .
- أكثر إنسانية ومتعة .
- أكثر اختصارا ووحدة عبر التنوع .
كما أنها تخلص الكتب من حمولات وموضوعات زائدة لا قيمة مضافة لها ، فحين نقول :
عقدت الأسرة اجتماعها الثالث برئاسة البنت الصغرى، وبعد نقاش تم الاتفاق على ما يأتي :
فإننا بذلك دمجنا : - اللغة العربية واللغة الإنجليزية ( حين نترجمها )
- والرياضيات ( مناقشة حول عدد الاجتماعات وعدد المجتمعين ومدة الاجتماع وعدد القرارات …الخ .
- النوع الاجتماعي ( رئاسة البنت )
- مفهوم الأسرة الراقية ( مناقشة القضايا )
- أنواع القرار ( مناقشة حول : الاتفاق أو التصويت )
- البيئة ( حين نناقش مكان الاجتماع )
- الفن والدراما ( حين نقول ارسم هذا الاجتماع أو مثّل اجتماعا )
كل هذه المعاني في جملة واحدة، لنتخيل متعة هذا الدرس وامتداده لمناقشة عشرات القضايا ..
إذا ! يتطلب المنهاج من المؤلفين إدماج هذه القضايا فيما يؤلفون من كتب : فماذا هم فاعلون؟
4
حقائق ومعلومات
هذا الإطار العام نوقش من قبل مجلس تنفيذي، ربما قرأ ، ومجلس أعلى للمناهج ، ربما رأى ، ومجلس التربية ، وربما لم … ومهما كان ، فهو وثيقة رسمية أقرت حسب القانون، وهذه الوثيقة واجبة التنفيذ ولو جزئيا ،وهذه الوثيقة يجب أن تتجسد في كل كتاب، وهذا قانون! وهذه الوثيقة يفترض أن تكون أمام كل مؤلف حين يكتب ،وأمام كل عضو في كل مجلس حين يقر كتابا، والمعيار الأساسي في تقويم الكتاب :
هل عكس الكتاب المعايير الأساسية والقيم والمهارات التي أقرها الإطار العام ؟
وعلى ضوء الإجابة : يقرّ الكتاب أو يرفض .
وبحدود علمي إن المجالس لم ترفض كتابا ، بل تشكو من أن الكتب تعرض عليهم دون أن يمتلكوا الوقت لرؤيتها !! ودليلي :
أقر مجلس التربية والتعليم عام 2017 كتابا يقول : الأردنيون مسلمون !! وكتابا يقول : العلم دمر الإنسانية !
ملاحظة : كان في المجلس عضوان مسيحيان، وهما أردنيان 100% ، فكيف يقرآن كتابا يسحب عنهما مواطنتهما ؟ بل كيف يقر مجلس كامل مثل هذه الأقوال ؟
وأغلب الظن : إنهم لم يروا الكتب التي أقروها .
5
الكتب المدرسية الجديدة
صدر عن المركز الوطني للمناهج كتبا كاملة في :
- الروضة
- العلوم
- الرياضيات
شملت جميع الصفوف . كما صدرت كتب تربية إسلامية لبعض الصفوف ، وهذا يعني أننا وصلنا مرحلة تستحق التوقف والتأمل لمعرفة : - ما الفرق بين الكتب المدرسية الجديدة التي أصدرها المركز الوطني للمناهج والكتب السابقة .
- هل عكست الكتب المدرسية الجديدة المعايير التي حددها الإطار العام للمناهج ؟
طبعا ما سمعته حتى الآن : افتخار المؤلفين بما فعلوا ، وضعف مبالاة المجالس، كما سمعت مسؤولا بارزا قال في التلفزيون : وقعت بين يدي بعض الكتب فوجدتها تركز على التحليل والتفكير !!
هكذا تتم الأمور ! . سبق أن اقترحت دراسة علمية حول الموضوع، لم يتحمس لها أحد !لعل أستاذا جامعيا يقوم بهذه الدراسة ( ولا أعتقد ) أو أن يوجه طالبا باحثا بها !!