
رسالتُنا إلى فخامة رئيس فرنسا ” فرنسوا هولاند ”
تحية طيبة وبعد:
.
.
.
في البداية… هذه ليست رسالة عزاء ..يكفيك ما وصلكَ من العزاء ..فهو من فروض الكفاية ..وقد عزّاك قومنا في مصيبتكم من أكبر شيخ داعية حتى أجمل وأرشق راقصة..وبهذا يسقط واجب العزاء عنّا مالم يفرض حكماء مكافحة الإرهاب أنّ التّعزية بمصيبتكم من فروض العين ..وقتها سنآتي هرولة إلى ساحة الشانزليزيه لنبكي على كتفك..!!!
أمّا وما زال العزاء اختياراً فقد اخترنا أن لا نعزيك..!!!
.
لن نُعزيك لا لأننا مع القتل لا قدّر الله ..فنحنُ نحبُ الحياة لغيرنا وإن لم نستطع نحنُ إليها سبيلاً ..ولكن في أمتنا مأتم شغلنا عن مأتمكم..وعزاء شغلنا عن عزائكم..فإذا تركنا مأتمنا وركبنا البوينغ إلى مأتمكم فنحن سنبدو كالنائحة المستأجرة ..كما قال أجدادنا الذين كانوا يجوبون قارتكم دون فيزا شنغن : ” النّائحة الثكلى ليست كالنّائحة المستأجرة..!!!
.
لو كان حالنا غير الذي تعرفه عنّا لكنّا عزيناك ..ولكن كيف نعزيك في ” غزوة باريس ” وأمتنا لم تجفف نفسها بعد من ” غزوة السماء “؟!..ساعة مطر حولت عواصمنا إلى بحيرات..من بيروت إلى جدّة..ومن عمان إلى الإسكندريّة..ولا قوارب نركبُ فيها..ولا جبل يعصمنا من الماء..!!!
.
كُنا لنعزيك في قتلاكم الذين يفطرون الكرواسون والكورن فليكس لو أنكم عزيتمونا في أطفال غزّة الذين ماتوا جوعى في الحرب الأخيرة بسبب حصار الخَصيّ السيسي الذي نصّبتموه في مصر..!! !
.
كُنّا لنعزيك في قتلاكم في مسرح باتاكلان لو أنّكم عزيتمونا في قتلانا في المساجد التي رُدمت فوق رؤوس المصلين في حلب وحماة ..!!! !
.
كُنّا لنصرخ ملء حناجرنا أننا ضد الرصاص الذي أخاف أطفالكم لو أنكم لم تصمتوا عن البراميل المتفجرة التي مزّقت وبعثرت أطفالنا..!!!
ولهذه الأسباب فلن يحدث منّا أن نعزيك ونرفع علمك..!!!
.
لا تنتظرو منّا أن نقول لكم : أننا براء مما فعل هؤلاء…فهؤلاء ليسوا منا حتى نبرأ لكم منهم
لقد قتلونا قبل أن يقتلوكم.. وما فعلوه في عاصمتكم باريس في ليلة واحدة يفعلونه في كل مدن سوريا كل ليلة..وإن كانوا قد قتلوكم بالرّصاص فقد أحرقو نا بالنار ونحرونا من قبل بالسكاكين كالخراف…وإن قتلوا روّاد المسارح عندكم فلم يسلم منهم روّاد المساجد عندنا…وإن قتلوكم على عجالة من أمرهم فقد قتلونا على مهل..وصنعوا أفلاما هوليودية يعجز عنها هيتشكوك وأرسلوها إليكم..!!!
أنتم الذين أشعلتم هذه النار التي أحرقتنا قبلكم..لهذا من العيب أن تغضبوا إن أصابكم بعض شرارها..وعلى قول المثل ” طبّاخ السّم يذوقه ” وهذه ليست إلا جرعة مما تتجرعه أمتنا كل يوم.. خمسة عشرة عاماً من مليشيات وطائفية المالكي الذين أحضرتموهم على صهوات دباباتكم إلى بغداد..وتركتموهم يُطلقون كلابهم تنهش هناك وهناك..هم الذين أنتجوا هذا..وأربع سنوات وسفّاح سوريا يسلخ بشبيحته لحومنا كالأغنام وأنتم تتفرجون.. هو الذي أنتج هذا..!!!
.
من الواجب عليكم أن تشكرونا لأننا رغم سكوتكم وتخاذلكم ومشاركتكم في صنع من قتلكم لم نصبح جميعاً مثلهم ..على الرغم أنّكم هيّأتم لنا الأسباب لنكون مثلهم ولكن رفضنا ..فنحن ما زلنا نرى شعوبكم ضحايا مثلنا..أمّا أنتم قادة العالم الأول قادة الدول العظمى باقتصادها ومقدراتها ..الصُّغرى بإنسانيتها وأخلاقها..فقد جررتم هذا علينا وعليكم..لهذا يا رئيس فرنسا يصح فيك قول المثل : ” يداكَ أوكتا وفوك نفخ ” ولا عزاء منّا ..ومخاطبتي لك بصيغة الجمع لا تعني أني أتحدث باسم الجميع فمنهم ما زال يرفع علمكم ويبكي ..بل أرسلت رسالتي باسم أهل بيتي وهم جزء من أمتي أمة محمد عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم..!!!