في العاصف والمعصوف!!

في العاصف والمعصوف!!
يوسف غيشان

اتخيل أحد المسؤولين، سابق ولاحق-وهو (صافن) على طريقة جبران خليل جبران او احمد شوقي، وهو يستمع بلا انفعال للمتحدثين، ثم يدلي بدلوه في موضوعات علمية متخصصة، فيبارك الاخوان اقواله ويتهمونه بأنه حابكها من كل الجهات. ثم يخرجون بتوصيات عصفية لا يأبه بها احد ولا يراجعها احد.
أما انا، فمثلي مثل غيري من المواطنين ننظر برهبة الى استخدام كلمة (العصف الفكري)، حيث تجتمع ثلة ممن يسمون أنفسهم بالمفكرين، ويبدأون بالحديث في ذات الوقت، لا أحد يسمع على أحد، ولا تدري اذنك اليمنى ما سمعت اذنك اليسرى، ثم يخرجون مبتسمين امام الكاميرات، ويوقعون على مسودة ورقة عمل وتوصيات يعتقدون بأنهم اتفقوا عليها اثناء ممارسة الأعاصيف.
العصف الفكري يعطيك ميزة ان تقول كل ما تريد وما يخطر على بالك دون ان يتهمك احد بالخيانة او بالتراجع او بالانتهازية، لان لا احد يسمع على احد ولا احدا يحاسب احدا ويتم التعامل مع العاصف الفكري مثل السكران، فهو لا يحاسب على ما يتلفظ به، واليكم نموذج مما يمكن ان يحصل في جلسة عصف فكري حول ازدياد حالات الوفاة بالنوبات القلبية مثلا :
الرأي الاول: ماذا لو رفعنا سعر اللحمة عشرة اضعاف، حتى يقل استهلاك الناس للكوليسترول وينخفض عدد المصابين بالجلطات؟!
الرأي الثاني: ماذا لو وضعنا سيارات اسعاف قرب كل بيت، حتى نوصل المصاب الى المستشفى في اسرع وقت، فيقل عدد الموتى؟
الرأي الثالث: ماذا لو اسقطنا الجنسية عن كل عائلة مشهورة بالاصابة بالجلطات وراثيا، فيقل عدد القتلى من النوبات؟!
طبعا كانت بدايات كل عصف تبدأ في العصف المسموح …. اراء كثيرة وكثيرة في جلسات العصف الفكري. وبعد ساعات وربما بعد ايام يفتحون الباب، يزيلون عنه نسيج العنكبوت والعث ويخرجون تدريجيا حتى لا يحرقهم نور الشمس. وبأيديهم مسودة توصيات مكتوبة على ورق البردي.
اعترف أني نقاق، وأن عدد جلسات العصف قد تناقص في الوقت الحالي، لكني – بكل صراحة-خايف من عودتها بكثافة في اي لحظة، وهذا المقال هو مجرد ضربة وقائية ليس الا. !!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى