في #الصميم
د. هاشم غرايبه
لا يوجد شخص في العالم لا يعتز بقوميته، وحتى لوعاش في #مجتمع آخر، فهو يحافظ على انتمائه القومي، ويحرص على تعزيز ذلك كهوية في أبنائه.
يتميز #العرب من بين كل الأقوام بأن الله اختارهم بأن أنزل كتابه الكريم بلغتهم، ليكونوا رسل هداية لباقي #البشر، من أجل هذه الخصوصية الفريدة امتزجت الهوية واللغة بالعقيدة فصار المنتج أمة لم يعرف لها العالم مثيلا.
ظلت هذه الأمة متماسكة طوال ثلاثة عشر قرنا، لم يؤثر في وحدتها تباين القوميات ولا الأعراق ولا اللغات، في القرن المنصرم فقط تمكن معادوها من إخضاعها، فكان أول برامجهم تفتيت هذا المنتج الى عناصره الأولية.
أول فقراته كان خطاب أنظمة (سايكس – بيكو) تقسيم الأمة الى أمتين: العربية والإسلامية، تمهيدا لفصل العرب عن انتمائهم الإسلامي، وثانيهما رفض استعادة وحدة الأمة إن كانت تحت عنوان الإسلام.
لا يجادل أحد في أن واقعنا الحالي في الحضيض، ولا حل لنا إلا في النهضة، والتي لا تتحقق إلا باستعادة الوحدة.
أمامنا منهجان: إما الإسلامي أو اللاديني الذي هو البرنامج المتبع منذ قرن.
السؤال هنا: لماذا يتحمس البعض لفصلنا عن انتمائنا الإسلامي، والإصرار على مقولة (الأمتين العربية والإسلامية)!؟.
أليست الأمة الإسلامية تشكل خُمس العالم، ونحن كعرب لسنا هامشيين فيها، بل نحن مؤسسوها وعمادها وحاملو مشعل الدعوة لها، أي أن منزلة العرب فيها هي الصدارة؟.
أما رأينا أن العرب عاشوا عشرات القرون جماعات متشاكسه، وعلى هامش التاريخ، لكنهم لما أنزل الله عليهم رسالة الإسلام وحدهم لما اهتدوا، واتبعوا الدين فتحضروا، وعلمهم فتقدموا، وهذبهم فسادوا العالم طوال ما بقوا مسلمين، وأثبتت التجربة أنهم لما تركوه القرن المنصرم، وابتغوا العزة بالعروبة فقط، عادوا لما كانوا عليه قبله، متفرقين وأتباعا لغيرهم من الأمم القوية، وساحة مستباحة يتقاسمها الطامعون.
إن كان هنالك شبه إجماع على أن العروبة بمثابة الجسد والإسلام هو الروح، لذا فالفصل بينهما بمثابة انتحار.
وحتى لو استبعدنا فكرة أن من يسعى لهذا الفصل هم أعداء الأمة، من داخلها ومن خارجها، وصدقنا أن المنادين بالفصل بين العروبة والإسلام هم مخلصون، ويبتغون لنا العزة والتقدم، فلنناقش جدوى ذلك بعقل محايد، لنرى إن كان ما يدعوننا إليه يحقق المصلحة والخير أكثر.
سوف نجد أمامنا جملة من المعطيات التاريخية التي هي حقائق وليست افتراضات:
1 – العرب يبلغ عددهم 360 مليونا أي 5 % من سكان العالم، لكنهم يشكلون 25 % من الأمة الإسلامية، وهم صنفان: 10 % عرب عاربة، و 90 %عرب مستعربة، وأغلبهم تعزز انتماؤه العروبي بعد الفتوحات الإسلامية، أي أن لللإسلام فضل تكويني على العرب.
2 – ثلثا الأمة العربية يقطنون شمال أفريقيا، وأغلبهم لولا الإسلام ما كانوا ليكونوا عربا، فهو المانع من الإختراق الأوروبي، ولو اختار عرب آسيا الانفصال عن الأمة الإسلامية، سيعود كل لقوميته، ولكنهم لن يتنكروا للإسلام، لذا فالانتماء للإسلام هو الذي يرفد العرب ويعززهم ديموغرافيا.
3 – كما أن آسيا العربية ظلت طوال التاريخ نهبا لأطماع الإمبراطوريات من الإغريق والفرس والرومان، وظلوا ينتقلون من استعمار الى استعمار بديل، وما حررهم إلا الإسلام، فله فضل على العرب بأن منحهم استقلالا وعزة.
4 – على صعيد اللغة العربية، لولا القرآن ما بقيت هنالك لغة، بل لطغت اللهجات المحلية وتطورت لتصبح لغات مستقلة، ولتباعدت الأقطار العربية، لكنها بقيت أهم عامل موحد لها، لذا فللإسلام فضل على العرب بحفظ اللغة وبالتالي أبقى الروابط بين العرب قوية.
5 – الشهادتان والأذان والصلاة والحج تؤدى جميعها باللغة العربية الفصيحة، ولا تقبل بأية لغة أخرى، وذلك دعا غير العرب لتعلم اللغة العربية، ويمكننا أن نعرف فضل تعلم اللغة عندما نعلم كم ترصد فرنسا مثلا من مخصصات لتشجيع تعلم الفرنسية لما لذلك من أثر في رفعة فرنسا، والإسلام ألزم كل الشعوب بمعرفة العربية من غير أن يتكلف العرب شيئا للتشجيع على ذلك، لذلك فللإسلام فضل على العرب بنشر ثقافتهم بين الأمم.
مما سبق نخلص الى أن من يقلقون كلما ذكرت العقيدة الإسلامية هم جاهلون بمصلحة الأمة، أما من يرتعبون منها ويحاربونها، فهم قطعا معادون للأمة.
الإنجاز الوحيد للعرب كان تأسيس الأمة الإسلامية، لذا ستبقى رافعتهم الوحيدة للمجد.