في الصميم

في الصميم
د. هاشم غرايبه

يشيع المتخاذلون أنه ليس بيد العرب سواء الأنظمة أو الشعوب حول ولا قوة للوقوف بوجه العدو الصهيو-أمريكي.
لنحلل ذلك الأمر منطقيا وبلا عواطف ولا شعارات لا تستند الى معطيات الواقع:
لنبدأ بالسؤال: لماذا تحتاج أمريكا وتابعها الكيان اللقيط الى كل هذه الجهود في حبك المؤامرات ورسم الخطط وبذل كل قواها لتمريرها، مع علمها أن الأنظمة العربية أعلنت مرارا وتكرارا أنها لن تلجأ الى استعمال القوة لحسم الصراع العربي الصهيوني؟.
ما الذي يزعجها إذاً، طالما أنها تملك كل زمام الأمور وتفرض الواقع الذي يحقق مصالحها، ولا يعترض أحد في العالم، مثلما لا يهدد أهل الحق المسلوب بالحرب، كما أن حال هؤلاء في الحضيض سياسيا واقتصاديا وسياديا بما لا ينذر بخطر رد مباغت قريب؟.
من الإجابة المنطقية على هذا السؤال، يمكننا إيجاد الحل.
بلى هم يعرفون أن هنالك خطر داهم يهدد وجود هذا الكيان الغاصب، رغم تحصينه ومده بكل أسباب القوة.
يعرفون ذلك لأنهم يقرأون ويحللون، وهم في قرارة أنفسهم يعرفون أن القرآن كلام الله وأنه الحق، لكنهم لا يريدوننا أن نعرفه، لذلك يغرون سفهاءنا بصدنا عنه.
سورة الإسراء جاءت موجهة في أغلبها الى بني إسرائيل، وأتباع الصهيونية المسيحية يعرفون معاني الإشارات التي جاءت بها، لذلك يسعون لتأجيل تنفيذ الأحكام القطعية فيها بحق بني إسرائيل بكل حيلتهم.
من هذه الأحكام ما تحقق ولا سبيل لتعطيله: وهي
1 – العلو الأول وزواله: “فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا..” [الإسراء:5].
2 – هوان اليهود على الناس وإذلالهم: “وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ” [الأعراف:167]
3 – والتشتت في الأرض ثم التجمع من جديد في مكان واحد “وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا” [الإسراء:104]
4 – والعلو الثاني بإمدادهم بيهود الخزر، وتسخير قوى الأرض لدعمهم: ” ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا” [الإسراء:6].
الآن وقد تحقق العلو الثاني، وأنتج الظلم مرة أخرى، وجاء اليهود المشتتين في الأرض الى فلسطين لفيفا، والمسجد الأقصى بات تحت يد اليهود، فلم يبق من شروط تحقق سنة الزوال الثاني والنهائي، إلا أن يبعث الله عباده “لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ”، و”وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ” (والتي كانت في عهد عمر).
هم يعلمون أن سنة الله لا تبديل ولا تغيير لها، لذلك يتركز همهم على تأجيل التنفيذ.
وليس في يدهم من سبيل إلا منع أن يكون المسلمون عبادا لله كما ينبغي، لذلك سلطوا عليهم حكاما وظيفتهم منع قيام حكم بموجب شرع الله، فبطشوا بكل من يدعو لذلك تحت ذريعة محاربة الإرهاب.
ومع ذلك فلا يثقون في قدرة هذه الأنظمة وأعوانهم من منافقي العصر (العلمانيين)، على صد الطوفان القادم.
وما صفقة القرن إلا لتركيع المسلمين وإذلالهم، حتى لا يقبلهم الله من عباده.
هكذا فالأمر منوط بقرار الشعوب بتحقيق استحقاقات أن يكونوا عباد الله الموعودين بتحقيق سنته في بني إسرائيل، وذلك هو استعجال هذه الحتمية.
بيدها بعد أن ملت الخنوع والقهر والإفقار أن تتحرر من الطغاة، فليس لديها ما تخسره أكثر مما سلبها هؤلاء من حقها في الحياة الحرة الكريمة.
بالتخلص من عبادة الأصنام البشرية، يصبحوا عبادا لله.
عندها يأذن الله لسنته الموعودة بالتحقق.. وعندها تنهض الأمة، فبتحرير فلسطين تتحرر الأمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى