في الحجر المنزلي شهرزاد تروي قصص ألف ليلة وليلة لشهريار
الحسين قيسامي
تمنح حكايات الف ليلة و ليلة فرصة لشهريار كي يحلم، والسفر بالخيال و لإشعاره بالطمأنينة ومنحه الهدوء في أيام عصيبة يمر بها العالم بسبب تفشي وباء كورونا. بدأت شهرزاد بحكمتها البالغة تحكي حكاية “التاجر مع العفريت في زمن كورونا” بطريقة مشوقة تشد إليها كل من يسمعها. ظلت شهرزاد تحكي وتحكي إلى أن طلع الصباح فسكتت عن الكلام المباح، فما كان من الملك شهريار إلا أن يؤجل الحكم عليها بالقتل إلى اليوم التالي حتى يسمع باقي القصة. ونجحت شهرزاد في ليلتها الأولى، وظلت شهرزاد على هذا الحال ليالي وليالي في زمن كوفيد تسعطاش.
في يوم من الأيام، استدعت الأميرة شهرزاد الملك شهريار وقالت له : بلغني أيُها الملكُ السَعيد، ذا الرأي الرَشيد أنه ولظروف طارئة سأوقف الحكاية وسأضع الكمامة على وجهي. شهرزاد كسرت جدار الصمت من حولها وتحكي عن معاناتها وقهرها والعنف الممارس عليها من طرف شهريار.
إذا كان الأديب التشيكي فرانس كافكا قد كتب يوما أن “الخروج من البيت مغامرة خطيرة”، فإن الأمر بالنسبة لشهرزاد، عكس ذلك تماما، حيث إن بقائها في المنزل لفترة طويلة يشكل خطرا عليها، إذ ومنذ بداية الحظر، وهي تعاني من سوء معاملة من قبل شهريار. وللتخلص من الانهيار العصبي والاكتئاب خلال فترة الحجر المنزلي حاول الملك شهريار إقناع شهرزاد بمواصلة حكاياتها. هل التوقف عن السرد يعني الموت على حد تعبير تودوروف عندما قال” إن السرد في ألف ليلة وليلة كان يعني الحياة والتوقف عن السرد كان يعني الموت”. هل سيصيب شهريار الضجر والملل وسيقتل شهرزاد. خرجت التقنيات السردية من رحم نصوص الف ليلة و ليلة و عملت على إلحاق حكاية داخل حكاية. طارت التقنيات السردية لتحط في رواية “الديكامرون” للكاتب الايطالي جيوفاني بوكاشيو لجبر خاطر الملك شهريار.
والرواية هي عبارة عن مجموعة من الروايات التي كتبها المؤلف الإيطالي جوفاني بوكاتشو في القرن الرابع عشر (1313- 1375)، صمم الكتاب كقصة إطارية تحتوي على 100 حكاية ترويها مجموعة مؤلفة من سبع شابات وثلاثة شبان يلجأون إلى فيلا معزولة خارج فلورنسا هربا من الموت الأسود (الطاعون) الذي أصاب المدينة، ربما بدأ بوكاتشيو بكتابة “الديكاميرون” بعد وباء عام 1348 وانتهى منها بحلول عام 1353. على إيقاع هذه الرواية وهروبا من جائحة كورونا يسافر شهريار عبر خيال بوكاتشيو في الرواية ويكتشف ملحمة الشخوص و يصل معهم إلى مكان يرون أنه آمن، لكنهم لا يجدون ما يفعلون فيروحون راويين لبعضهم هذه الحكايات تشغل وقتهم: خلال عشرة أيام يروي كل واحد منهم عشر حكايات، ويكون المجموع مائة حكاية «ألف ليلة وليلة»…فجاة يظهر الكاتب بوكاتشيو أمام شهريار: مولاي شهريار…هذه الحكايات لم ترويها شهرزاد.. كنت يامولاي من المخالطين لكورونا.. …حاجيتكم و ماجيتكم “على الشين والشين عروسة زينة و زينها واتاها جاها المرض و سكنها حتى داها..”