في البحث عن هدوء الروح وسط صخب العالم

في البحث عن #هدوء_الروح وسط #صخب_العالم
بقلم الأستاذ الدكتور يحيا سلامه خريسات

تُعلّمنا الفلسفة الحياتية أن الهدوء ليس هبةً من الخارج، بل ثمرة تنمو في أعماق الداخل. إنّه قرارٌ خفيّ يتخذه المرء حين يختار أن ينصت لنداء روحه، لا لضجيج العالم. فالحاسد، في جوهره، لا يرى الآخر بقدر ما يرى فراغه الداخلي، وإنشغالنا بنظراته لا يزيدنا إلا تشتّتًا. أما التجاهل، فليس ضعفًا، بل حكمة تحفظ طاقة الروح من التبدّد.

الحياة لن تكفّ عن اختبارنا، ولن تتوقف عن بعثرة لحظاتنا الصغيرة بالمنغّصات. غير أنّ قوتنا الحقيقية تتجلّى حين ندرك أنّ السعادة ليست في غياب المتاعب، بل في القدرة على السير فوقها بخطوات ثابتة. ذلك ما قاله الرواقيون قديمًا: “الريح لا تهدأ، ولكننا نتعلّم كيف نشدّ أشرعتنا”.

الهروب من أعين الناس لا يهب سلامًا، إنما السلام يُصنع حين يرضى المرء عن نفسه، فلا تعنيه مقارنات الآخرين، ولا تستفزّه ألسنتهم. فمن امتلك المصالحة مع ذاته، امتلك الحصن الذي لا تقتحمه السهام.

مقالات ذات صلة

إنّ سرّ العيش بطمأنينة في عالم مليء بالاضطراب يكمن في ثلاث حكم بسيطة:
أن نُبسط الحياة فنكتفي بالقليل، ونفلت من سجن “المزيد”.
أن نمنح أنفسنا لحظة عزلة يومية، نسمع فيها صمتنا الداخلي، فنجد فيه أجوبة لا تمنحها الضوضاء.

أن ننشغل بالخلق والعطاء، فالمشغول ببناء شيء لا يلتفت كثيرًا إلى الهدم من حوله.

في النهاية، لا نملك أن نغيّر عيون الحاسدين ولا منغّصات الأيام، لكننا نملك أن نغيّر زاوية رؤيتنا لها. الهدوء ليس في أن تهدأ الدنيا، بل في أن يهدأ قلبك رغم صخبها. هناك فقط، في عمق الذات، يولد السلام الذي لا يزاحمه حسد، ولا تقترب منه خيبات.

اظهر المزيد
زر الذهاب إلى الأعلى