في الاستقلال

في #الاستقلال

د. #عبدالله_البركات
لا شك ان من اشتق كلمة الاستقلال من فعلٍ ما ، هم من اساطين اللغة ( بالمناسبة مفرد اساطين اسطون واسطونة ومنها الاسطوانة) والاسطوانة هي الشكل الهندسي المعروف ) وأصل الكلمة فارسي على كل حال يكفي استطراداً. والاستطراد بالمناسبة من الطرد وهو تتبع الصيد. وما ينتج عنه من خروج عن الطريق . وللعرب في الطرد اشعار كثيرة. منها قول ابي دلامة
أبصر المهدي ظبياً شك بالسهم فؤاده
وعلي بن سليمان رأى كلباً فصاده
فهنيئاً لكما كل إمرء يأكل زاده
وعليٌ هذا وزير المهدي.
مرة اخرى يكفي استطراداً وعود على معنى الاستقلال. وبالمناسبة ان فعل عنى يعني له عدة معاني منها القصد ومنها المعانة والذل ومنها الظهور قال الحطيئة
ولا يمكن ان تفوتنا هذه القصيدة الجميلة خوفاً من الاستطراد

وَطاوي ثَلاثٍ عاصِبِ البَطنِ مُرمِلٍ
ببيداءَ لَم يَعرِف بِها ساكِنٌ رَسما
أَخي جَفوَةٍ فيهِ مِنَ الإِنسِ وَحشَةٌ
يَرى البُؤسَ فيها مِن شَراسَتِهِ نُعمى
وَأَفرَدَ في شِعبٍ عَجُوزاً إِزاءها
ثَلاثَةُ أَشباحٍ تَخالُهُمُ بَهما
حفاة عراة ما اغتذوا خبز ملة
ولا عرفوا للبر مذ خلقوا طعما
رَأى شَبَحاً وَسطَ الظَلامِ فَراعَهُ
فَلَمّا بَدا ضَيفاً تَشمَّرَ وَاِهتَمّا
فقال هيا رباه ضيف ولا قرى
بحقك لا تحرمه تالليلة اللحما
وَقالَ اِبنُهُ لَمّا رَآهُ بِحَيرَةٍ
أياأَبَتِ اِذبَحني وَيَسِّر لَهُ طُعما
وَلا تَعتَذِر بِالعُدمِ عَلَّ الَّذي طَرا
يَظُنُّ لَنا مالاً فَيوسِعُنا ذَمّا
فَرَوّى قَليلاً ثُمَّ أَجحَمَ بُرهَةً
وَإِن هُوَ لَم يَذبَح فَتاهُ فَقَد هَمّا
فَبَينا هُما عَنَّت عَلى البُعدِ عانَةٌ
قَدِ اِنتَظَمَت مِن خَلفِ مِسحَلِها نَظما
عِطاشاً تُريدُ الماءَ فَاِنسابَ نَحوَها
عَلى أَنَّهُ مِنها إِلى دَمِها أَظما
فَأَمهَلَها حَتّى تَرَوَّت عِطاشُها
فَأَرسَلَ فيها مِن كِنانَتِهِ سَهما
فَخَرَّت نَحوصٌ ذاتُ جَحشٍ سَمينَةٌ
قَدِ اِكتَنَزَت لَحماً وَقَد طُبِّقَت شَحما
فَيا بِشرَهُ إِذ جَرَّها نَحوَ قَومِهِ
وَيا بِشرَهُم لَمّا رَأَوا كَلمَها يَدمى
فَباتَوا كِراماً قَد قَضوا حَقَّ ضَيفِهِم
فَلَم يَغرِموا غُرماً وَقَد غَنِموا غُنما
وَباتَ أَبوهُم مِن بَشاشَتِهِ أَباً
لِضَيفِهِمُ وَالأُمُّ مِن بِشرِها أُمّا
الشاهد البيت فبينا هما عنت الخ.

ولكن يكفي استطرادا وعود الى اصل كلمة استقلال. والعود أحمد وبالمناسبة كلمة عود لا لا لا يكفي سينفض السامر اذا استمررت كهذا.
اذاً كلمة استقلال وضعها اساطين اللغة واما أنا العبد الفقير لله تعالي لا اتفق معهم ولم يوفقوا في هذا الاختيار. فمعاجم اللغة لا تعطي للفعل قلل الذي اشتقت من كلمة أستقلال الا معنيين واحداً من القلة واخر من الحركة والاضطراب
فيكون معنى استقل إما وجده قليلا كما في حديث الثلاثة الذين سألوا عن عبادة النبي صلى الله عليه وسلم فكأنهم استقلوها اي وجدوها قليلة. والمعنى الثاني هو الحركة ولا معنى لاستقل من هذا الوجه وذلك كما في مقاييس اللغة لأبن فارس . الا اني اجد ان معنى قلل تعني حَمَلَ كقولنا استقل الدابة اي جعلها تحمله وقول التابعي الجليل عروة بن أذينة:

مقالات ذات صلة

ويبيت تحت جوانحي حب لها
لو كان تحت فراشها لأقلها(أي لحملها)
ولعمرها لو كان حبك فوقها
يوما وقد ضحيت اذاً لأظلها
لذلك لا يخرج معنى كلمة الاستقلال عما ذكرت. وليس فيها اي معنى من معاني التحرر ولا يمكن تبرير هذا الاستعمال الا اذا قصدنا ان الحكومات استقلت الشعوب اي وجدتهم قليلٌ مستضعفون في الارض لا قيمة لهم او استقلتهم اي ركبتهم وخرجت بهم للطرد اي الصيد ولم تعد.

أما القصيدة لذلك الفقيه فلن أحرمكم الاستمتاع بها بزعم الخوف من الاستطراد

1 – إن التي زعمت فؤادك ملـّـها
خُلقت هواك كما خُلقت هوى لها
2 – فبك الذي زعمتْ بها وكلاكما
أبدى لصاحبه الصبابة كلّـها
3 – ويبيتُ بين جوانحي حبٌ لهـا
لو كان تحتُ فراشها لاقلـّـها
4 – ولعمرها لو كان حبّــك فوقها
يومـــاً وقد ضحيت إذاً لأظلّهـا
5 – وإِذا وَجَدْتَ لها وَساوِسَ سَلْوَة ٍ
شَفَعَ الضميرُ إلى الفؤادِ فَسَلَّها
6 – بَيْضاءُ باكَرها النعيـمُ فَصاغَها
بلباقَــــــة ٍ فأَدَقَّــــها وأَجَلَّها
7 – لمّـا عرضتُ -مسلماً- لي حاجةٌ ٌ
اخشى صعوبتها.. وارجو ذُلـّها
8 – منعت تحيتها فقلت لصـاحبي:
ماكان اكثرها لنا… وأقلّـها
9 – فدنا، وقال: لعـلها معذورةٌ
فـي بعض رقبتها… فقلت: لعلّـها

اما الشاعر فهو ليس ماجناً ولا سفيها بل كان فقيها معتبراً فهو ابو عامر عروة بن أذينة الليثي الكناني تابعي جليل وشاعر غزل وفخر وشريف مقدم من شعراء المدينة المنورة وهو معدود في الفقهاء والمحدثين وأحد ثقات أصحاب حديث رسول الله سمع من ابن عمر وروى عنه مالك بن أنس في الموطأ وعبيد الله بن عمر العدوي…

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى