في الأردن : اخفاق أمني وهروب للداخل / خالد عياصرة

في الأردن : اخفاق أمني وهروب للداخل
قبل اشتعال احداث الثورة السورية بأشهر، اصدرت الرئاسة السورية قانونا معدلاً خاصاً بالاراضي الزراعية، يسلب الاراضي من كبار ملاك، لتوزع على صغار المزارعين الذين لم يتمكنوا من استغلالها، لتباع لاحقاً لصالح رامي مخلوف، وجماعات الاغنياء الجدد التابعين للنظام السوري.
القانون اخراج كبار الملاك من تجار دمشق، أي ان القانون عمل على ضرب
البيرجوازية السورية لصالح مخلوف، القانون كان احد اهم محركات الثورة السورية لاحقا.
اسوق هذا المثال للحديث عما يعتمل في داخل الاردن، بشكل ممنهج، بهدف ضرب البيرُوقراطية الاردنية الوطنية لصالح جماعات الاغنياء الجدد، والليبراليين المترتبطين بالنظام الاردني، والمشاريع الدولية في المنطقة.
كلاب داعش
تعرض الاردن خلال الاشهر الماضية الى هزات امنية شنتها مجاميع تابعة لعصابات داعش – و ذئاب منفردة – اظهرت ان المنظومة السياسية والامنية الاردنية متعبة جدا – او هكذا يراد تصويرها – نتيجة الضغوطات التي تواجهها على كافة الصعد، بهدف ضرب منظومة الامن داخليا.
خسائر الدولة الاردنية لا يمكن تقديرها، بشريا، او سياسيا، او امنيا، ما يعني ان ثمة ضرورة حقيقية لاعادة النظر في المنظومة الاستراتجية الامنية، والسياسية ، والثقافية، والاقتصادية، والاجتماعية، واعادة بنائها من جديد بشكل متكامل، لمواجهة التنظيمات في داخل الاردن والتي تضم منظومة الفساد المؤسسي بأذرعها، ومجاميع الاغنياء الجدد ومن يقف خلفهم. وهذه لا تكون الا بتكاتف ابناء الشعب الاردني،لافشال مخططات هؤلاء بواسطة انتاج حالة اردنية حقيقية تحرص على الامن والاستقرار، باعتبارهما عنصرين اساسيين لا يمكن اغفالهما في هذه الاستراتجية.
داعش اقتصادية اردنية
المنظومة الامنية الاردنية بعد كل عملية ارهابية، تخضع لرغبة البعض ممن لا يجدون امامهم طرق لتفريغ غضبهم، والتغطية على فشلهم في حماية الداخل، الا بخلق الاسباب للتصادم مع الشعب، وصرف الانتباه عما يجري في مؤسسات الدولة من صراع سياسي امني مصلحي لا وطني، من اجل اسقاط الثقة في المؤسسات، لتسهيل ضربها لاحقا، لصالح طبقات الاغنياء الجدد ومن يقف خلفهم.
اساليب الحكومات باتت معروفة للقاصي والداني، تعتمد رفع الاسعار، زيادة الضرائب، تكميم الافواة، استخدام القوة المفرط، اضافة الى الاقتراض من الخارج، وتحميل نتائج سياسات الفشل للشعب.
ما يعني توسيع دائرة الغضب الشعبي اتجاهها، تمهيدا لمواجهتها حتى وان تطلب الامر خلق الاسباب لمواجهة العشائر، وضرب الثقة بها و بدورها باعتبارها احد مهددات الاستقرار الداخلي في الاردن.
ادارة الدولة بهذا الاسلوب “قد” تنقلب لتنتج مواجهات عنيفية دموية غير متوقعة، فالضغط يولد انفجارا يمكن ان يتحول الـى حافز خطر ينقلب على الدولة من داخلها، فيكشف ظهرها لمن يتربص بها من خارجها.
الفقر والارهاب
منذ سنوات نجى الاردن من مستنقعات استيراد الارهاب ومنظماته، بمعنى ان الاردن لم يتعرض لمواجهات قتالية او عمليات ارهابية داخلية بيد ابناءه.
لكنه، كان مصدرا للكوادر الارهابية، قيادات وافراد، هذا النجاح يحسب لجهود الاجهزة الامنية وتماسكها ووضح رؤيتها واستراتجيتها في التعامل مع الاحداث بواقعية تامة.
لكن اصرار الحكومات على اتخاذ الوسائل الامنية و الاقتصادية العنيفة في تعاملها مع المواطنين، يمنح عصابات الارهاب من داعش وامثاله الافضلية لدخول الاردن، كما يعطي الشباب الاردني الذي يصرخ من اسواط الفقر والبطالة، الحافز للانتماء للمنظمات الارهابية، لمواجهة الحكومات وقراراتها.
اي ان قرارات وسياسات الحكومات تشكل تربة خصبة يمكن استغلالها من داعش وغيرها من عصابات الارهاب الدولي، كورقتها رابحة لضرب الداخل الاردني وتماسكه.
الخلاصة: توجهات الحكومات الاخيرة والقائمين عليها من رفع الاسعار والضرائب وتكميم افواه الناس و مواجهتها، انما يدل على ارتباك حقيقي في عقل النظام السياسي والامني والاقتصادي الاردني، يتطلب ايجاد علاج جذري، يحصين الداخل ضد الاختراق.
ان كانت داعش وعصاباتها تحاول ضرب الدولة الاردنية من الخارج لزعزعته، فان الحكومات الاردنية تعمل على ضرب الدولة من الداخل، لهز استقرارها، فهل ثمة فرق بين ارهاب الخارج وارهاب الداخل.
‫#‏خالدعياصرة‬

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى