نشرت مجلة “ #فورين_أفيرز ” مقالًا لأدوري كيرث كرونين، مديرة #معهد_كارنيغي ميلون للإستراتيجية والتكنولوجيا، قالت فيه إن “ #السنوار مات، لكن #حماس ستنجو”، مشيرة إلى أن وفاة زعيم “حماس” قد تخلق فرصة للسلام.
ورأت الكاتبة أن موت السنوار هو علامة فاصلة في #حرب إسرائيل- حماس، والنزاع المتأجج في عموم #الشرق الأوسط. وقد احتفل الكثيرون بوفاته، وهم محقّون، على حد زعمها. وتقول إن السنوار لم يخطط فقط لهجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، والتي قتل فيها إسرائيليون، بل وعرّضَ حياة #الفلسطينيين للخطر، وخاصة النساء والأطفال. وكان مقتل السنوار، الذي يراه الإسرائيليون، والفلسطينيون الذين لا يدعمون “حماس”، عدالة تحققت.
المجلة: لم تنتهِ أي جماعة إرهابية مدعومة من دولة قط لمجرد وفاة زعيمها. وببساطة فقد قتلت إسرائيل زعيم “حماس” في غزة، ومن المرجح أن تنجو الجماعة وأجندتها السياسية
والسؤال الآن: ماذا عن “حماس”؟ هل ستنتهي؟ كان هذا هو الهدف المعلن للحملة الإسرائيلية، أي تدمير قدرات “حماس” العسكرية والسياسية، واستعادة الردع، وتوفير الأمن للمواطنين الإسرائيليين.
وتضيف كرونين أن القدرات العسكرية لـ “حماس” تضرّرت بشكل كبير بسبب الحملة العسكرية الإسرائيلية، إذ تزعم الحكومة الإسرائيلية أن الجيش قتل أكثر من 17,000 من مقاتلي “حماس”، الذين يعتقد أنهم 25,000 إلى 35,000 مقاتل. وفي الوقت نفسه، ركّزت إسرائيل على مطاردة زعماء “حماس”، سعيًا إلى توجيه ضربة حاسمة من شأنها أن تقضي على التهديد الذي تشكّله الجماعة.
وتعلق الباحثة أن إستراتيجية “قطع الرأس”، أي هزيمة المجموعة المسلحة من خلال قتل قيادتها، تترك أثرها، وأنها فعالة، و”لكن أبحاثي التي قمتُ بها على مسارات 457 حملة ومنظمة مسلحة ، وغطت مئة عام، وَجَدَت أن الجماعات التي تنتهي بقطع الرأس تميل إلى أن تكون صغيرة، ومنظمة هرميًا، وتتميز بالإعجاب بشخصيات القادة. وعادة ما تفتقر هذه الجماعات إلى خطط قيادات بديلة وفعالة. وهي حديثة الإنشاء بعمر أقل من عشر سنوات. أما الجماعات والشبكات الأكبر عمرًا والأكثر ترابطًا فيمكنها إعادة تنظيم نفسها والبقاء على قيد الحياة”.
وتعلق بأنها كتبت، بداية العام الحالي، مقالًا في “فورين أفيرز”، وقالت فيه إن إستراتيجية “قطع رأس” القيادة لا تنطبق على “حماس”. فهي منظمة شديدة الترابط، ولديها أجندة سياسية متشدّدة تعتمد على الدعم الدولي، وتلعب بوعي أمام جمهور دولي. وهي أيضًا جماعة راسخة، عمرها أكثر من أربعين عامًا، ولديها مكاتب خارج غزة، من شأنها أن تساعدها على البقاء. كما أنها تحظى بمساعدات كبيرة من إيران، ولم تنتهِ أي جماعة إرهابية مدعومة من دولة قط لمجرد وفاة زعيمها. وببساطة فقد قتلت إسرائيل زعيم “حماس” في غزة، ومن المرجح أن تنجو الجماعة وأجندتها السياسية وتبقى على قيد الحياة.
وتؤكد الباحثة أن “حماس” لو كانت عرضة لإستراتيجية “قطع الرأس” لكانت قد هُزمت بالفعل. فعلى مدى العقود الماضية، اغتالت إسرائيل زعماء “حماس”. ومنذ عمليات القتل المبكرة التي استهدفت صانع القنابل يحيى عياش (في عام 1996)، ومؤسس الجماعة أحمد ياسين (في عام 2004)، وخليفته عبد العزيز الرنتيسي (أيضًا في عام 2004)، وحتى عمليات القتل الأحدث هذا العام التي استهدفت صالح العاروري، ومروان عيسى، وإسماعيل هنية، ومحمد الضيف، وغيرهم. ولكن الجماعة لم تستسلم لهذا النهج، منذ تأسيسها في عام 1987، ولن تفعل ذلك الآن.
فـ “حماس” لديها خبرة في عملية خلافة القادة، وكان النمط المتكرر هو أن يثبت الخليفة أنه أكثر تطرفًا وخطورة من الهدف الأصلي.
وتعلق الكاتبة بأن مقتل العديد من قادة “حماس”، خلال العام الماضي، عزّزَ من مكانة وأهمية السنوار داخل المنظمة. وسيكون مقتله بالتأكيد ضربة قوية للجماعة، لكن واحدًا من أهم ملامح نهايته أنه مات أثناء عملية إطلاق نار روتيني، وليس نتيجة لعملية استهداف، وهي حقيقة ستعزّز من صورته كمقاتل شهيد مات مع قواته. ومن المتوقع أن يحل شقيق السنوار، محمد، مكانه، وسينتفع من مكانة شقيقه القوية. وتعلق الصحيفة بأنه لا يوجد طرف بارع في عمليات القتل المستهدف مثل إسرائيل، ولكن السؤال الرئيسي هو: هل لدى حكومة نتنياهو خطة سياسية لتخفيف التهديد الذي سيمثله الجيل القادم من قادة “حماس”؟
فقبل الإفراج عنه في صفقة تبادل الأسرى، عام 2011، قضى السنوار 23 عامًا في السجون الإسرائيلية وهو يخطط للانتقام من سجّانيه، وهو ما بدا في هجمات 7 تشرين الأول/أكتوبر. ولكن كم هو عدد “السنواريين” في المستقبل ممن دفنوا آباءهم وأشقاءهم وأطفالهم تحت أنقاض غزة؟ وكم هو عدد الغزيين الجائعين والمشردين الذين يفتقرون إلى فرص العمل الذين سينمو بداخلهم حسّ الانتقام؟
وتعلق كرونين أن مصدر قوة “حماس” في سرديتها التي تؤكد على أنها تقاوم العدوان الإسرائيلي، وتمثل المصالح الفلسطينية الحقيقية.
وترى الكاتبة أن هذه السردية زائفة، لكن وجهة نظر “حماس” من إسرائيل تكتسب أرضية في مختلف أنحاء العالم، وتؤدي إلى تآكل الدعم السياسي للبلد، بما في ذلك الناخبون الأصغر سنًا في الولايات المتحدة، أقرب حليف لإسرائيل. ووفقًا لاستطلاع رأي أجرته مؤسسة غالوب مؤخرًا، فإن عدد الأمريكيين الذين لديهم آراء سلبية تجاه حكومة بنيامين نتنياهو والحملة الإسرائيلية في غزة أكبر من عددهم الإيجابي.
وعليه، فاغتيال القادة ليس إجابة فعالة لمشكلة سياسية وإستراتيجية في الجوهر. إلا أن الكاتبة ترى في وفاة السنوار فرصة لتغيير الدوامة السلبية الحالية في المنطقة. فعلى الرغم من الجهود الدبلوماسية التي تبذلها الولايات المتحدة وقطر ومصر، فإن الوضع ظَلَّ في تصاعُد وتوسع باتجاه الحرب الإقليمية التي زعمت الدبلوماسية الأمريكية أنها تريد تجنّبها.
المجلة: كم عدد “السنواريين”، ممن دفنوا آباءهم وأشقاءهم وأطفالهم تحت أنقاض غزة؟ وكم هو عدد الغزيين الجائعين والمشردين الذين سينمو بداخلهم حسّ الانتقام؟
وبناءً على رؤية الكاتبة أن السنوار كان عقبة أمام أي اتفاق، وراغبًا بمواصلة الحرب، فوفاته قد تقود إلى نتيجة سياسية جيدة، هذا إذا اقتنعت حكومة نتنياهو بتبنّي خيار سياسي للحرب في غزة التي تغذي الاضطرابات الإقليمية. وهذا يعني السعي بقوة إلى التوصل إلى اتفاق في غزة من شأنه أن يؤدي إلى عودة 101 أسير إسرائيلي (أحياء وأمواتًا)، وإيصال مساعدات إنسانية كبيرة للمدنيين في غزة، الذين أصبح العديد منهم بلا مأوى ويعانون من المجاعة ويواجهون الموت. لكن التحدي، كما تقول، هو أنه لم يعد هناك من يمكن التفاوض معه على وقف إطلاق النار.
ومن خلال قتل السنوار، فربما فشلت إسرائيل ليس فقط في هزيمة “حماس”، بل وقلّلت من الخيارات أمامها، ما يدفعها إلى مواصلة حربها المدمرة في غزة، وبدون أن يكون لديها أي هدف إستراتيجي.
وهذا يعني استمرار دوامة الحرب التي استغلها السنوار، ومن سيأتون بعده.