سواليف
على مدار أكثر من 4300 ساعة من العمل والجهد المتواصلين، عام ونصف العام بذلها الفنان المعماري نظام نعمة لإخراج فنٍ معماريٍ فريدٍ يجسد قبة الصخرة المشرفة في القدس، على هذه الشاكلة من البهاء الذي قل نظيره كرسالة عظيمة وهدف نبيل.
وبرغم كون نعمة رجلاً مسيحياً أردنياً لم تطأ قدماه مدينة القدس المحتلة لرفضه التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، إلا أن روحه تسافر إلى هناك دائماً وخرجت بهذا العمل الفريد.
وفي مكان تراثي قديم في وسط العاصمة عمّان، يرقب الناس ذلك النموذج الفريد لـ”قبة الصخرة” التي تقبع بشموخٍ على سطح أحد المنازل القديمة في الحي.
– جمال ساحر
النصب التذكاري يقبع فوق سطح أحد المنازل العمّانية القديمة، وبمحاذاته شجرة زيتون، امتد عمرها لأكثر من نصف قرن، تمد فروعها بشموخ، وهناك يأخذك المشهد الجمالي بسحره، لا سيما حين تشاهد أدق التفاصيل وقد نسجها الفنان نعمة بيديه.
يقول نعمة : “رغم أنني مسيحي الديانة، إلا أنني أعلم تماماً مكانة قبة الصخرة لدى المسلمين بالدرجة الأولى، والمسيحيين كذلك، فهي تعد رمزاً دينياً قوميّاً على مستوى العالم”.
– “قبة الصخرة” بين عمان والقدس
وأضاف متحدثاً لمراسل “الخليج أونلاين”: “أردت نحت قبة الصخرة المشرفة، من قلب العاصمة عمّان، ورغم أنني لم أزر القدس، فإنني ومن خلال مشاهدتي لآلاف الصور استطعت إنجاز هذا العمل الكبير على مدار عامٍ ونصف العام، فهنالك آلاف الأحجار الفسيفسائية التي تحاكي أدق تفاصيل قبة الصخرة، بالإضافة إلى وجود 1200 قطعة نحاس رسمت صورة القبة الذهبية في أبهى صورها”.
وأضاف نعمة: “الأبواب ومداخلها، وآيات القرآن لا سيما سورتي يس والإسراء، استطعت كتابتهما على المجسم الثماني لقبة الصخرة، تماماً كما هي في القدس المحتلة، بالإضافة إلى الزخرفة في أعلى أقواس المضلع من القبة جميعها مشغولة بدقة متناهية مع حقيقتها بالأصل”.
لم تغب عن نعمة أدق التفاصيل في النصب؛ فحتى لوحات الفسيفساء هي عبارة عن نسخة “كربونية” عن القبة الموجودة في المسجد الأقصى.
وأهدى نعمة عبر “الخليج أونلاين” عمله إلى الشعبين الأردني والفلسطيني، وإلى القدس والمسجد الأقصى، وكل من ناضل في كل بقاع الأرض، وإلى الشهداء والأسرى في سجون الاحتلال.
– جهد كبير وعمل متقن
ويبلغ حجم مجسم قبة الصخرة 6 أطنان، ومساحة 5×5 أمتار وارتفاع 380 سم هو ما طمح إليه نعمة وأنجزه بعد نحو ثمانية عشر شهراً من العمل المتواصل، وبتكلفة مالية شخصية من الفنان التشكيلي نفسه بلغت نحو 20 ألف دولار مستخدماً الرخام، والفسيفساء، والنحاس الخالص للقبة.
ويسعى نعمة ليكون النصب متاحاً لجميع الأردنيين والسياح وغيرهم من خلال تقديمه طلب نقل التذكار لمكان أكبر مساحة يتسنى للجميع رؤيته، إلا أنه ينتظر رداً رسمياً بذلك منذ ما يقرب العام.
– طابع معماري فريد
وتعد قبة الصخرة من أقدم المُنشآت العربية الإسلامية، ويمتاز بناؤها بالطابع المعماري الفريد، وهي آية معمارية خارقة، وهي أحد أهم معالم المسجد الأقصى المُبارك في مدينة القدس الفلسطينية، إذ تُعد قبّته من أهم وأبرز المعالم المعمارية الإسلامية، كما ويُعد أقدم بناء إسلامي بقي مُحافظاً على شكله وزخرفته.
بنى هذه القبّة الخليفة عبد الملك بن مروان، إذ بدأ في بنائها عام 66هـ الموافق 685م، وانتهى منها عام 72هـ الموافق 691م، وأشرف على بنائها المهندسان رجاء بن حيوة الكندي، وهو من التابعين المعروفين، ويزيد بن سلام مولى عبد الملك بن مروان.
وقبّة الصخرة عبارة عن بناء مثمن الأضلاع له أربعة أبواب، وفي داخله تثمينة أخرى تقوم على دعامات وأعمدة أسطوانية، في داخلها دائرة تتوسطها “الصخرة المُشرفة” التي عرج منها النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) إلى السماء في رحلة الإسراء والمعراج. وترتفع هذه الصخرة نحو 1.5 متر عن أرضية البناء، وهي غير منتظمة الشكل يتراوح قطرها بين 13 و18 متراً، وتعلو الصخرة في الوسط قبّة دائرية بقطر نحو 20 متراً، مطلية من الخارج بألواح الذهب، ارتفاعها 35 متراً، يعلوها هلال بارتفاع 5 أمتار.
عن الخليج اونلاين