خلايا وطنية / صالح عبدالكريم عربيات

خلايا وطنية ..

الدولة تريد أن تضع خططا لمواجهة الخلايا الإرهابية والفكر المتطرف، بينما أنا أريد أن أضع خططا لأدرس وأتمعن كيف نبتت تلك الخلايا الوطنية.. في مدارس لا يوجد فيها حتى مروحة حائط تعلم فيها الشهداء حب الوطن والتضحية وكلما سألت أحدا منهم عن مستقبله، يقول لك: أمنيتي أن أتجند بالدرك.. بينما مدارس وفرت برك السباحة والبرامج الدولية وملاعب التنس وكرة القدم وكل وسائل الرفاهية ولم نسمع أن مات أحد منهم إلا بجلطة أو حادث سير.. ولم يكن طموحهم يوما إلا مستشارا أو سفيرا في الخارجية.. نسأل هنا لماذا ارتبطت التضحية والشهادة بمدارس نائية عجزت عن توفير معلم تربية وطنية طوال الفصل، بينما مدارس وفر لها كل شيء ولم يكن أحد من خريجيها رقيب سير أو عريفا في كتيبة مدرعات؟!
الشهداء وهم طلاب انتظروا الفرصة ليأكلوا سندويشة الزعتر وزر البندورة، ففي القرى والأرياف لم نعهد السنيورة ودلع المرتديلا وجبنة المثلثات بعد.. ما هو سر الزعتر وزر البندورة ليجعلا الدم بهذا العنفوان؟! بينما أكلة السنيورة تجدهم اليوم تحت الكونديشينات لا يتحركون لمهمة أو واجب قبل أن يسألوا عن قيمة المياومات؟!
لماذا الحرمان وزر البندورة يجعل الدم يغلي عندما تتعلق المسألة بحماية الوطن، بينما في باقي مؤسسات الدولة ووزاراتها لا نجد دما يغلي للحفاظ على المال العام، أو الإبلاغ عن فاسد، أو القيام بخدمة الوطن أو المراجع أو المستثمر من دون النظر لقيمة المكافأة!
أغلب الشهداء ممن أكملوا تعليمهم الجامعي إما باع آباؤهم قطعة أرض أو حصلوا على قرض، بينما نسمع عمن حصلوا على بعثات من خزينة الدولة وبعضهم كلف الدولة أكثر من تكلفة رائد فضاء، هل اشترطنا يوما على أن من يدرس على حساب الدولة عليه أن يخدم الدولة.. ومعظمهم يعود ليعمل في الشركات والبنوك، أليست كتائب المدفعية وحرس الحدود أولى بهم طالما دراستهم من ضرائب الفقراء!
هل يوجد شهيد بدون أقساط بنوك، هل يوجد شهيد بدون سيارة خالي قص قلبان أحدثها موديل 95، هل يوجد شهيد بدون جمعية لتأمين مصاريف العيد؟!
أسئلة تبحث عن إجابات لدى أصحاب القرار، فمثلما يعنينا مكافحة الخلايا الإرهابية والفكر المتطرف، علينا أيضا أن ندرس المحافظة على تلك الخلايا الوطنية، وأن نعيد دراسة أحوالهم وأوضاعهم المعيشية.. نريد أمام كل خلية إرهابية، أن تنبت ألف خلية وطنية تؤمن بالتضحية من أجل هذا الوطن.
كلما مررنا بنقب الدبور، سنذكر فضلكم الذي لن نجاريه.. سننظر للسماء فلربما نرى غيمة عابرة تظلل علينا حرارة الشمس لكنها لا تعنينا، بل سننظر ونتأمل كيف تصبح الأوكار محطات منها يسافر الشهداء بدون جوازات سفر وبدون مواعيد وبدون حجوزات مسبقة الى جنات الخلد إن شاء الله.
سننتظر الربيع، فتحت أقدامكم سينبت الدحنون ليعطر السلط بطهارة الدم، وسننتظر الخريف ومعه تتساقط أوراق الشجر لتحمل البشرى بالمطر والخير.. بينما أنتم سبقتم خريف هذا العام حين تساقطت أرواحكم لتحمل لنا البشرى بأن الوطن ما يزال بخير.. في الشتاء سيعلنون عن منخفض من أصل قطبي، حتى المنخفضات لها أصل منها من يكتفي بزخات ومنا ما يجود على الأرض بسيول وثلوج، بينما أنتم ما أصلكم إلا طيب، وما منبتكم إلا طهارة، وما ولدتكم الا أصيلة، حين جدتم علينا بأرواحكم وسقيتم أرضنا بدمائكم الزكية حتى ارتوت وتعطرت، فشكرا يا أصحاب الزعتر والدحنون.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الكاتب القدير عبد الكريم عربيات كلامك يغوص في اعماق من يقرأه ويشعر به ما اصدقه من كلام …من يحس به يبكي من الاعماق جميعنا يعلم ان الجيش الاردني والامن العام والدرك وكل العسكريين هم الاشرف والاكثر وفاءا للوطن مع التقدير لكل المخلصين نحن ندرك من طفولتنا ان كل هؤلاء الاوفياء ننظر لهم في الاردن نظره اقرب للقداسه لانهم يفدون وطنهم دون مقابل فهم الرجال الرجال حماك الله ايها الاردن الغالي .

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى