فقدنا “ #الليث ” في #زمن_القرود
“الليث” #شبيلات رحل عن دنيانا اسدا غضنفرا قاتل الشلل الفكري وتفرغ للتغيير و #محاربة #فساد_الحكم والحكام بلا هواده، عربيا و ليس محليا فقط، ، متطلعا الى #اصلاح_الحاكم لا تغييره وضمن فلسفة عدم انهاء حكمه، ناصحا امينا للملك و محافظا علي مملكته و كينونتها و مخلصا لله وحده، مهتما بابناء وطنه و صخرة صلبه في مواجهة الاستسلام والتبعية للصهيونية والاستعمار، في زمن اعتلاء القرود أشجار السياسة والاقتصاد ، وتسلقهم ادراج النفاق وصولا للباب العالي، وغياب حب الوطن واغتيال قوافل الرحمة و التعدي على جيوب المواطن علي يد حكومات محنطة بلا ولاية ، واجتماع شهوة السلطة وفساد المسؤول في شخص من يتقدم الصفوف بمتاحف الدوار الرابع ومسرحيات انتخابات نيابية تحت مسميات ديمقراطية.
عرفته من خلال الملك المرحوم الحسين والأميرزيد بن شاكر ، و هما من طلبا مني اثناء تواجدنا في لندن في فندق “الجروفنر” في احد اجتماعات مجلس إدارة خريجي كلية كلية فيكتوريا التي اتشرف بعضويتها تحت رئاسة الملك الحسين الفخرية رحمه الله ، ان اقف الي جانبه في حملته الانتخابية بنقابة المهندسيين، ولم اكن يوما قد عرفته رغم علاقة النسب والمصاهرة عن طريق عمتي المرحومة يسرى طوقان مؤسسة الاتحاد النسائي والهلال الأحمر الأردني ،والتي ربطتها علاقة النسب و القرب مع زوجة الدكتور اللواء المرحوم غيث شبيلات و المرحوم احمد الشقيري.
من اللقاء الأول في مكتبه وقت ان كان شريكا مع المهندس محمد خير الكيلاني والمعماري الابرز راسم بدران وهو الليث والاسد مصارعا ذو فكر وطني صادق، يمتع الجماهير التي يسعي للحصول علي حقها مثلما امتع سبارتاكوس المصارع الجماهير الرومانية ، و كان حينها يشرع أيضا في الترشح للنيابة و قد ارتبطت معه دون انقطاع في عمان وخارجها واستانبول و في خارج السجن و داخله ، وتعرفت علي الشيخ يعقوب قرش عنده وابتسمنا للحياة وتعاهدنا لاجل وطن واقتسمنا مكتب ” أبو فرحان” نتبادل الجلوس على طاولة مكتبه في الصباح في عمارة يملكها الصديق توفيق الدجاني بجبل عمان كان ان انتقل اليها، ونكمل اما في منزلي بالشميساني او منزله المشترى حديثا في مرج الحمام . لم يكن هناك أوقات تحكمنا و كانت تمر الساعات والليالي التي ينام فيها على الاريكة عندي بعد ان تقارب الساعة الواحده ليلا او افترش غرفة الصالون في منزله بعد صلاة الفجر معا عندما اعلن الملك الحسين عودة الديمقراطية و إعادة الحياة النيابية .
وفي لقآونا ونحن نسير بمفردنا من الكلية العلمية الإسلامية نتفقد النتائج معا ليله فرز الأصوات النيابية في اول نجاح كاسح له و الساعة تقترب من الرابعة فجرا ، و كنا اقتربنا من مبنى المخابرات في موقعها القديم ، اذ به يقوم بالطرق على بابها ليخرج عليه احد الحرس متسائلا فيرد عليه ” الليث” ، انا قادم اليكم غدا للافراج عن زملائي المهندسين المعتقلين والسياسيين، انا نائب الامة المنتخب في الدائرة الثالثة بعمان، و كان الرد باردا وغاضبا واغلق الباب في وجهه. لم تفقده نشوه الانتصار ب ١٩ الف صوتا ان يتناسى من هم في الضيق والاعتقال.
و على الفور بادرني ، انني احلم ان أكون مثل سليمان النابلسي يجتمع عليه الجميع ، و لكن ما افعل سيكون مصدر قلق للنظام ولا بد من حماية نفسي التي افتدي بها وطني والشعب، و اعتقد ان نهايتي قد تكون المساس بي و ضربي واعتقالي وسجني وقد تصل الي تهديدي و اعدامي يوما ما . ساحاول ان احصل على رخصة مسدس للدفاع عن نفسي من لصوص الوطن ، فهل ستقف معي حينها و تعاهدني ان تكون الي جانبي اخا و صديقا لاجل وطنا نظيفا نحافظ فيه علي بقاء الملكية و نصلح فساد الملك اذا تم اعتقالي. هل تكفلني اذا اعتقلت ؟ . كانت كلماته صادقه ودموعه في عينيه تقطر الما لما هو ات عليه و لكنه كان مصمما مغوارا ابيا الا ان يستقيم امر الوطن مهما كانت التكلفة والثمن. عاهدته ووضعت يدى في يده و حضني قائلا على بركة الله ، نحن لها.
بينما كنا نسير بين المكتب في طريقنا الي النقابة في يوم اخر، وقد عبرنا الجسر امام مبنى الحكومة في الدوار الرابع ، و كان يمر بأزمة و تهديدات ، قتوقف و قال لي :” اخبر صديقك الأمير زيد بن شاكر ، انني مهدد و مراقب و قد اعتقل ، دعهم يبعدون عني اجهزتهم الأمنية فانآ لست ضد الملكية و لا الملك و لا اسعى لاسقاطها.” ، استغربت من الحديث و لكنه كان يقراء المستقبل ، ونقلت الرسالة في اجتماع في منزل الشريف بجانب قصر الملك ، وكان الأمير زيد بن شاكر يكن له تقدير خاص وقال لي بالحرف الواحد ” قل للمهندس ليث – أبا فرحان- ابشر نحن معك و نقدر جهدك “، و نقلت الرسالة ومع ذلك اعتقل وسجن.
بعدها بسنوات علمت باعتقال ” الليث” و انه في محكمة امن الدولة حبيس ، عدت وذهبت الي القاضي العسكري ،وقدمت شيك كفالة لاخراجه وتكفيله ، الا ان القاضي رفض، و أصبحت تلك “الكفالة” النقطة السوداء في ملفي بدائرة المخابرات مثلما اعلمني حينها اللواء ” ف.م” علما انني التزمت بوعد وعهد الرجال بغض النظر عن الحالة التي هو بها. او سبب الاعتقال.
عندما خرجت من مكتب القاضي العسكري، دلني احد جنود الحراسة علي مكان احتجاز “الليث”، فقد كان محبوبا من الكثير من بعض جنود وضباط الجيش ومخابراتها، و كان داخل المحكمة وفتح لي الجندي الباب لاراه جالسا علي البلاط بدون أي كرسي تصافحنا و حضنته واخبرته انني اوفيت الوعد والعهد و أن الله لا يترك عباده الاوفياء، وخرجت لاري جموع حاشدة يتقدمها عمه فوزي الشبيلات تهتف بحياته امام المحكمة العسكرية في ماركا، كان الوطن يعيش ميعاد ولاده ” الزعيم ” بكل ما تحمله تلك الكلمة من معان.
المواقف كثيره، فقد استدعيت للتحقيق وقت ان تم اعتقاله في المرة الاولي والثانيه ، وأبلغت الشريف زيد بن شاكر و قدم لي الفريق سعد خير الاعتذار بمنتهي الادب و قال لي انه مجرد اجراء وقائي لمصلحتي ولا غبار علي ولم يتم تكرار ذلك بتاتا بعدها ، و كنت قد استمعت الي مدير مخابرات في جلسة عزآء يصفه و ينعته باسوأ الالفاظ وقت كان يتقبل العزاء في قريبه وزير الداخلية الأسبق المرحوم معالي جودت السبول ، قال حينها مدير المخابرات الدي توفاه الله لمن يجلس بجانبه و كان مديرا للامن العسكري امد الله في عمره ” هذا ……..!!! الامريكان يريدونه رئيسا للاردن و يدعمونه، و سوف اضعه في السجن قريبا لانه يحاول الانقلاب علي الملك “. خرجت من دارة العزاء و تحدثت اليه بما سمعت و قال لي ” عبد اكتب واحفظ التاريخ ليوم تفتح فيه صفحات الوطن “.
وللعلم ليس ما احتفظ به من كلمات ليث هو ذلك فقط ، بل هناك الكثير مما اسر لي به وكثير هو أيضا مما اختلفت معه من وجهة نظر دستورية و قانونية خصوصا ما يتعلق بمسائلة الملك عبد الله الثاني و التفويض الذي طلبه والذي يضعه في حرج لن يقدر عليه أولا و الدستور يعفى الملك من المسائلة ، فكيف و انت نائب دستوري يا ليث تعارض تطبيق القانون ، عليك اذا اردت بتغيير السديتور أولا.
احترم صديقي ” الليث” الرآى وهذه احد صفاته الحميدة عندما يقتنع وتوقف عنها لم يعد مطالبا بها؛ وكنت قبل وفاته تحدثت اليه وقال لي ” اود مراجعة ما تكتب عني قبل النشر” ، حتى اضيف لك لاكتمال الرواية وكان يسجل باستمرار علي جهاز تسجيل فضي اللون صغير يحمله في جيبه أينما ذهب يوميا الاحداث و قبل ان يتجه الي الفيديوهات ، اليوتيوب. و حدثني عن سنوات الجامعة الامريكية بكل ما حملت من حلاوة و صعوبة وسياسة قومية ، وعن حديثه مع الملك الحسين في السيارة يوم افتتاح فرع الماكدونالدز في عمان و كيف رفضت والدته العظيمة ان تتنازل وتتطلب من الملك الافراج عنه.
اخر حديث بيننا ، قبل وفاته بيوم واحد ، وكان يتجه لاصدار فيديو يتحدث فيه عن الاعتصامات و اضراب الشاحنات مطالبا بتنحية الحكومة الفاشلة التي قال عنها “اغرقنا والد رئيسها ليل نهار بمعارضته للنظام وضرورة انتفاض الشعب وادعائه بالوطنية ” و كتبت له معلقا بعد الحديث يا ليث لو كتبت كلمه واحده لاسقطت الحكومة بأكملها قبل ولوج الليل.
الأهم في المواقف – وهي كثيرة – ما قاله الملك المرحوم الحسين بن طلال طيب الله ثراه في لقاء اخر عن ” الليث” ، حيث قال أتمنى ان يكون في الأردن اكثر من ليث شبيلات ، لانه قلة من الناس ممن شاهدت نبلهم وحسن اخلاقهم وشهامتم واعتزازهم بكرامتهم و صلابتهم رغم الاختلاف معه ولكنه هو الذي جعلني اشعر بانني الملك ذو صلاحية العفو وإعادة حق الحياة لانسان محكوم بالاعدام . و هنا للتاريخ فقد اصدر الملك الحسين عفوا شاملا عن الضباط الاحرار في عام ١٩٦٤ و كان من ضمنهم محكومون بالاعدام أيضا ، لكنه اختص ليث شبيلات بالصفة الانفرادية.
رحم الله ” الليث” الذي حاول ان يغطي مجمع النقابات بالسواد يوم اتفاق وادى عربه مع الصهاينه، وليس اقل من المطالبه ان يطلق اسمه علي الشارع امام مجلس النواب الأردني لانه كان ” النائب” الذي يريده الشعب، وان تقام له اربعينية يشارك بها كل من احباوئه في الوطن العربي وكل من عادوه ليتعرفوا علي ” الليث” زعيم المعارضة، ان يطلق علي احد قاعات المحاضرات في الجامعة الامريكية ببيروت اسم قاعة ” الليث شبيلات”.
الفاتحة
aftoukan@hotmail.com