فزّاعة المقاثي / رائد عبدالرحمن حجازي

فزّاعة المقاثي
بعد أن نوّر الفقوس والجعابير ها هو المختار مثقال يعود فرحاً من أرضه والتي زرعها وجهزها للموسم الصيفي . إضافةً للفقوس والجعابير زرع مثقال سياج على كامل محيط الأرض من دوار الشمس والمكانس . وبما أنه مزارع من الطراز الأول فقد قام بعدة إجراءات احترازية مثل رش النوار ووضع عبوات وأوعية مائية لسقاية المزروعات لحمايتها والمحافظة عليها من الجفاف بسبب درجات الحرارة المرتفعة .
مثقال لم تغب عن باله مشكلة قديمة جديدة عانى منها هو وكثير من المزارعين , ألا وهي سطو أسراب الطيور على الثمار , لذلك طلب من حفيده محسن بأن يقوم بعمل بضعة فزّاعات لتثبيتها وتوزيعها بين المزروعات . محسن الخبير بهذا الأمر قام بالمهمة على أحسن وجه , وعمل ثلاث فزّاعات . حيث وضع الأولى في بداية المقثاة والثانية في نهايتها والثالثة في الوسط . ولكي تعطي فزّاعات محسن نتائج مضمونة قام بإلباسها بعضاً من ملابس قديمة كان قد جمعها لهذه الغاية . (سروال قديم وقميص كانا من نصيب الفزّاعة الأولى , أما الثانية فكانت فزّاعة أنثوية فقد ألبسها شرش ملس مهترىْ , والثالثة مزنوك , بالإضافة لأغطية الرأس).
بدأت المقثاة بتباشيرها من الثمار وأصبح من الضروري حمايتها من الدخيلين على المنطقة سواءً من البشر أو الطيور , وهذا ما تم من خلال خربوش صغير كان محسن قد أعده لهذه الغاية لإتقاء حر الشمس أثناء حراسته (انطارة) للمقثاة . لكن محسن لم يكن يقضي كل الوقت في الحراسة (انطارة) بل كان يترك المجال للفزاعات لتقوم بذلك اثناء لعبه مع اصدقائه أو عندما يغادر المقثاة لسبب ما .
وكما يقول المثل ( فدوام الحال من المُحال) فبعد مدة من الزمن بدأت الثمار المنقورة بسبب الطيور كمياتها تزداد يوماً بعد يوم . المختار مثقال راح يلوّم حفيده محسن واصفاً إياه بالمهمل . المسكين محسن أراد أن يعرف سبب ظهور هذه المشكلة , فعمد إلى المبيت لمراقبة الوضع . لتكون المفاجأة الصادمة له . فقد كانت أسراب العصافير تغزو المقثاة عند الغروب والشروق ضاربةً بعرض الحائط وجود تلك الفزّاعات والأنكى من ذلك أن بعض الطيور كانت تتخذ من الفزّاعات مكاناً للاستراحة أو المبيت .
تعلموا من الطير !

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى