اقرأ بمناسبة معرض الكتاب / أحمد المثاني

اقرأ بمناسبة معرض الكتاب

رحم الله أياما كانت الناس فيها تقرأ .. وكان الكتاب خير جليس .. و كانت المكتبات لها وقارها ، و مرتادوها ،، من باحث عن معرفة أو مستزيد من منهل الثقافة .. أو طالب علم عاكف على مرجع ، أو دراسة يضيء بها جوانب عقله ، و يستنير بفكر إنساني ، هو ثمرة إبداعات و تجارب .. تمثل عصارة فكر . و ثمة قارىء باحث عن متعة أو سياحة في الطريف و الظريف من عالم الإنسان و الحيوان ..

بالأمس ، كنا نرتاد المكتبة ، و كأننا أمام رففوها بحديقة مختلف ألوانها .. فهذه الكتب تنطق بروح أصحابها ، و ما إن نفتح صفحاتها حتى نتعايش معها و نتفاعل .. فرحا او حزنا .. موافقة أو معارضة .. مشارب مختلفة و ألوان و تنوع إنساني غني .. فهذا كتاب فلسفة يقدح الذهن . و ذاك كتاب تاريخ يعود بنا لأحداث مضت .. و ذاك كتاب شعر .. به نحلق و نطلق عنان الخيال .. و ذاك كتاب أدب .. و ذاك كتاب فقه ..

إنك لتعجب أشد العجب كيف يتجاور على رفوف المكتبة المؤمن و الملحد .. و الجاد و الهازل .. و الشاعر و الناثر … العميق و السطحي .. المختصر و الثرثار … تخيل معي لو بعثهم الله في هذه القاعة المحدودة ..

مقالات ذات صلة

للمكتبة جمالها و للكتاب قيمته .. فقديما وزنوه بالذهب ! و لرائحة الورق نكهة لا تنسى .. و الكتاب ضيف خفيف الظل .. متى شئت انصرف ! و هو متواضع ينتقل من يد إلى يد ، و لا يخجله أن يكون عارية .. يستعيره الأصدقاء و يتهاداه النابهون ..

بالأمس ، كنا نقرأ الجاحظ و حافظ ابراهيم و شوقي و المنفلوطي و طه حسين و الرافعي و العقاد و توفيق الحكيم .. و عرار .. و السياب… و نجيب محفوظ . . الخ . فكانت ثقافتنا عروبية ..

أما اليوم و للأسف ، فقد رضينا بالراحة و الدعة .. فأدرنا ظهرنا للكتاب،، و هجرنا المكتبة .. و عكفنا على قصاصات و شذرات من المقروء.. و استلبتنا الوسائل العصرية الهشة .. فصرنا نكتب دون أن نقرأ .. و غابت الكتب من بين أيدينا ،، و تلهينا بالهاتف الذكي .. الذي أورثنا الغباء .. و صار المثقف عندنا يحفظ عناوين و عبارات جاهزة .. و أصبحنا نرى كتابا و أدباء يسبحون في ماء ضحل .. ولم يخبروا عباب البحر .. فكانوا كالفطر .. لا جذور لهم ..

في معرض الكتاب .. خجل مما تحفل به معارض الأزياء… و الكتب في مكتباتنا يكاد يأكلها النسيان و العفن…

– أحمد المثاني –

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى