فرز السياسيين في الأردن / أ . د أنيس الخصاونة

فرز السياسيين في الأردن

يفترض كثير من المواطنين أن من يتصدرون المشهد السياسي هم الأكثر معرفة بالشأن العام ، والأكثر دراية بدهاليز السياسية وأنفاقها ، والأكثر حرصا على تحقيق الصالح العام. نقول لهم افتراضاتكم هي مجرد أوهام وليس فيها شيء من الصحة والواقعية حيث أن هؤلاء السياسيين وصلوا لمواقعهم البرلمانية أو الحكومية او الوزارية أو الجامعية بطرق ملتوية ومغشوشة .
بعض هؤلاء من أصحاب الألقاب دولة، سعادة النائب أو العين أو المعالي أو العطوفة غير مؤهلين من حيث الكفاءة ولا من حيث الأخلاق لتمثيل الناس أو التحدث باسمهم.
نعرف عن بعض الشخوص الذين لديهم قيود أمنية متعلقة بتهم مختلفة يندى لها الجبين ، ثم بعد ذلك وبقدرة قادر نجدهم يتحدثون عن السياسات الداخلية ، وعن حصافة القضاء ، وعن الاستقامة في العمل .
المدهش في الموضوع أن هؤلاء يركزون في حواراتهم وكلماتهم على الأشياء التي يفتقدونها مثل الشرف ، والمحافظة على المال العام ، ونظافة اليد ، والتفاني في العمل. إنهم زعران بكل ما تحمل الكلمة من معنى فلا تغرنكم بدلاتهم الأنيقة ، وربطات أعناقهم الحريرية ، وسياراتهم الفارهة، وعطورهم الفواحة التي لا يمكنها أن تغطى على نتانة أفعالهم وسرقاتهم ورشواتهم.
السياسيون لم يعودوا نخبا في بلدنا والعاملين والمنخرطين في السياسة ليسوا جميعهم سياسيين حقيقيين ، وأن بعضهم امتطوا ظهر السياسة لتحقيق مصالحهم وبلطجيتهم. مثل هؤلاء يمكن أن يكونوا في أي موقع في الدولة ويحملوا أعلى الألقاب ويمتلكوا من النياشين والدروع والأوسمة ما تنوء به أكتافهم ومناكبهم ولكنهم كالذين يحملون أسفارا فبئس الحامل والمحمول .
حالنا ووضعنا السياسي وإدارتنا الحكومية لن تشهد تحسنا وتبدلا ما دام المسرح السياسي يسيطر عليه سياسيين يغلب على سلوكهم وتصرفاتهم سمة الزعرنة والفهلوة.
والحقيقة التي لا بد من مواجهتها هي أن المشكلة تكمن ليس في السياسيين أنفسهم بقدر ما تكمن في الاليات والقنوات التي تتيح لمثل هؤلاء من التقدم في الرتب السياسية الادارية ، والنمو الوظيفي والتسلق إلى أعلى المراتب في أجهزتنا السياسية والإدارية. ونحن نرى في هذا السياق بأن على المسئولين وأولي الأمر التوقف عن اجتذاب السحيجة وتوظيفهم ليعملوا أبواقا لهم حيث أن هذا الأسلوب في انتقاء القادة والساسة والبطانة المحيطة بالمسئولين تفسد المجتمع وتعصف بقيمه العليا وتنشئ جيلا من المنافقين والمتهافتين على السلطة والجاه والمستعدين لفعل الموبقات من أجل تحقيق غاياتهم وأهدافهم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى