فرامة شرايط

فرامة شرايط

د. محمد شواقفة
اعتذر عن العنوان باللهجة العامية لسدنة اللغة العربية من أصدقائي و لم يسعفني الحظ بطرح البديل.
ربما يعرف عدد غير قليل من الأصدقاء ما هي “#فرامة #الشرايط ” و لكن أجزم يقينا بأن كثيرون أيضا لا يعرفونها..
كانت سيدات البلدة يجمعن كل مهترئ من الثياب أو ما ينطبق عليه القول:” أكل الدهر عليه و شرب” من ملابس قديمة أو ضيقة أو شبه مستحيلة الاستخدام و يجتمعن عند هذه الآلة الضخمة و التي تطحن كل ما يدخل اليها فتحيله إلى قطع صغيرة من القماش المقطع و بألوان مختلفة و عديدة فتعود لها الحياة من جديد و باستخدامات مختلفة تماما ، فتتحول لحشوة لوسائد و أغطية و مراتب للنوم أو الجلوس.
لست متأكدا كم كنا نعتقد حينها أن ذلك الأمر بعشوائيته يجمع كل بقايانا و أشلاء ذكرياتنا في بوتقة واحدة فتعود إلينا بشكل و استخدام جديد، لكنه قرار سلطوي لا مجال لمناقشته أو التأثير عليه.
بالفعل تلك السياسة في اعادة الاستخدام و التدوير تذكرني بمسؤولينا السابقين و الذي إهترئت صورهم من ذاكرتنا و كدنا أن ننساهم أو ننجح في تناسيهم، لتعيدهم “فرامة الشرايط” إلينا من جديد و تعود لهم الحياة و لو كقطع متفرقة بألوان غير متناسقة و نسيج غير منسجم، و لكنه سينتهي في داخل وسادة أو “لحاف” أو “فرشة” تغلفها شراشف بيضاء تسر الناظرين.
أتعجب عندما يغيب أي مسؤول لفترة غير قصيرة بعد أن يغادرنا غير مأسوف عليه مثقلا بالفشل و الخيبة و لا نكاد نتعافى من آثار حقبته و لكنه فجأة و دون سابق إنذار يطل علينا عبر بوابة ” فرامة الشرايط”.
أتمنى أن يتم تتبع مصير مسؤولينا السابقين و خصوصا الذين جلبوا لنا الأسبرين كمتطلب إجباري لمنع الجلطات و النوبات القلبية لمعرفة أين انتهى بهم المطاف.
ربما حان الوقت لتخليدهم في متحف، كتماثيل شمع تذكرنا بما فعلوا و لكن أرجوكم لا تعيدوا انتاجهم عبر” فرامة الشرايط”!!!

دبوس على إعادة التدوير

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى