فاجعة ما بعد فاجعة السلط

فاجعة ما بعد فاجعة السلط

د. رائد حسن الأزايدة


رحم الله شهداء السلط، تلك المدينة التي ما فتأت كل حين في إثبات أنها منبع الأصالة والحضارة ورائدة الشهادة ومواقف الرجولة.
وبعد…
فإن لم يكن لنا من الوقاية من المخاطر و الكوارث نصيب، فلا أقل من أن نحسن العلاج والتداوي، وفي هذا المقام تستوقفنا الإدارة الحكومية والنيابية الفذة في علاج أسباب فاجعة مستشفى السلط، ونشير هنا الى بعض هذه القرارات والمواقف التي جاءت استجابة للحدث الجلل، أهمها:

  1. إقالة وزير الصحة ومدير مستشفى الحسين بالسلط، وتحويل مجموعة من المسؤولين والموظفين الى المدعي العام، هو بلا شك جزء من الحل، ولكنه حل موتور، إذ يلزمه حل الحكومة بكاملها، تأسيساً لمنهجية المحاسبة واحقاقاً لمبدأ السلطة التضامنية التي يتحملها كل أعضاء مجلس الوزراء بما في ذلك رئيس الحكومة.
  2. مع خالص تقديرنا لشخص وزير الداخلية مازن الفراية وعظيم اكبارنا واحترامنا للمؤسسة العسكرية التي جاء منها وزير الداخلية، إلا أن ذلك لا يستقيم مع مبدأ التخصصية، فوزير الصحة على وجه الخصوص يجب أن يكون ذو دراية وتمرس في الشأن الطبي، وهذا لا ينطبق على شخص وزير الداخلية الذي نقدر ونحترم، ولكل من يقول أن السيد مازن الفراية كان على تماس مباشر مع إدارة ملف الكورونا نقول أن مسؤوليات وزير الصحة أكبر بكثير من ملف كورونا وان الناس يموتون لأسباب كثيرة غير كورونا.
  3. وزارة الداخلية من أهم الوزارات السيادية في الأردن والتي تحمل مسؤولية أمن عشرة ملايين مواطن على كاهلها ولا أظن هنالك مسؤولاً في الحكومة الأردنية يبذل ما يبذله وزير الداخلية من جهد وتعب فكيف يستقيم مع ذلك تحميل وزير الداخلية مسؤولية إدارة وزارة الصحة.
  4. مواقف مجلس النواب ليست مفاجئة لأحد، فلم يطالب بحجب الثقة عن الحكومة سوى ثلاثة عشرة نائباً.
  5. تكلم كثير من النواب عن “غضبة الملك”، ألا يعلم هؤلاء أنهم من الأسباب الرئيسة لـ “غضبة الملك”. لو قمتم بواجبكم الرقابي كما يجب لما وصلنا لهنا، مجلسكم لم يكن دوماً إلا جزءاً من المشكلة ولم يكن يوماً جزءاً من الحل. ليتكم-معشر النواب- تغضبون لما غضب بسببه الملك.
  6. في أولى قراراته كوزير مكلف بإدارة وزارة الصحة، قرر السيد مازن الفراية تعيين متصرف في كل مستشفى “لحل المشاكل”. وهنا نتساءل: هل تم دراسة هذا القرار بشكل كافي أم أنه ردة فعل متسرعة لأوجه القصور في مستشفياتنا الحكومية؟ هل تم مراعاة عدم تداخل الاختصاصات بين مدير المستشفى و متصرف المستشفى؟ هل وصلنا لمرحلة الحاجة الى عسكرة العمل المدني؟ أما كان أولى من ذلك قرار سريع بسد حاجات المستشفيات من أطباء الاختصاص؟
  7. وأخيراً وليس آخرا، فإن جميع الأردنيين على اختلاف أفكارهم وثقافاتهم يكنون كل الاحترام والتقدير والإجلال لمؤسساتنا العسكرية بجميع أشكالها ومهامها، ولكن ذلك لا يعني بإحلالها بدلاً عن مؤسساتنا المدنية، بل الأولى من ذلك الارتقاء بعملنا المؤسسي المدني الى أعلى المستويات، فلا نهضة حقيقية لهذا الوطن إن لم ينهض كلا جناحيه العسكري والمدني.

مقالات ذات صلة
اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى