غسان حجازين يرفرف وحيداً..

مقال الثلاثاء 1-3-2016
غسان حجازين يرفرف وحيداً..

أبطال الحروب ، يأبون دوماً الا أن يكونوا أبطال الحروف أيضا…وشرف الكتابة عنهم ولهم هي واحدة من مراسيم تتويج أرواحهم بالخلود والكرامة في زفافهم الأخير ..علّهم يغفرون لنا سهوتنا عن شقائهم ، علّهم يسامحوننا على تقصيرنا طوال سنوات النسيان ، علّهم يودّعوننا بابتسامة الآباء الراضين عن أبنائهم في نظرة الفراق الأبدي..
البطل غسّان خليل حجازين ابن السماكية تلك القرية الكركية المنسية ، قرر الالتحاق بسلاح الهندسة في حزيران 1958 كجندي أردني عربي يحمي استقلال الوطن الفتّي ويدافع عن ترابه برموش عينيه ، بعد هزيمة 67 ظلت الجيوش العربية تنزف بالهزيمة المفاجئة،تحاول تشكيل فرقها وألويتها الموجوعة بالنكسة، فأوكلت للإعلام مهمة رفع معنوية الجيوش من جديد علها تستعيد الثقة بالنفس فالشعور بالانكسار يعني الانهيار…الجيش العربي “الأردني” كان يختلف عن باقي الجيوش العربية فأفراد القوات المسلحة هم من كانوا يرفعون معنوية الإعلام بأفعالهم وقتالهم وتفانيهم رغم ما لحقهم بهم ما لحق من خسائر وارتقاء عدد كبير من رفاق السلاح شهداء خالدين الى جوار ربّهم…ولأن الحرب حسب عقيدة الجيش العربي لم تنته رغم الهزيمة ، أوكل الى البطل غسان حجازين مع بعض رفاق سلاح الهندسة مهمة زرع ألغام مضادة للأفراد في الخطوط الأمامية في منطقة الشونة الشمالية ،وفي حزيران ال68 ، وأثناء قيام “ابو زياد” بواجبه العسكري انفجر احد الألغام بين يديه فأفقده الوعي تماماً ليصحو في اليوم التالي على سرير احد المستشفيات العسكرية وقد فقد يديه…لم تفلح مستشفيات لندن فيما بعد بعلاجه ، واكتفت بتعويضه بيدين صناعتين بقيتا معه حتى لحظة وفاته 19 شباط الحالي..
صحيح أن البطل حجازين فقد نعمة اللمس بيديه الصناعتين، فلم يمسد بهما شعر أطفاله ككل الآباء ، ولم يمسح دمعة نزلت سهواً يوماً ، ولم يقرصهما برد الكرك أثناء مناوبته الليلية، لكنه الوحيد بيننا الذي يعرف ماذا تعني “قبضة” التراب الوطني…وما هو ملمس الكرامة الحقيقي…
لم ينته فصل الحكاية بعد…فغسّان حجازين الذي رفرف بجناحيه المستعارين 48 عاماً ،رفرف وحيداً حزيناً…عندما بخلت عليه الدولة “بسيارة نقل موتى” تقلّه من عمّان الى مثواه الأخير في السماكية…غسّان حجازين رفرف بجناحيه وحيداً بعدما ضاع التكريم يوم التكريم..غسان حجازين في لحظة الوفاء والوفاة ، تنساه الدولة ويذكره التاريخ ..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

‫7 تعليقات

  1. اوجعتنا بها استاذ احمد ..
    غسان حجازين كلوطن منسي على موائد الكراسي ..
    او كما قال غاندي .. ارى الكثيرين حول الكرسي القليلين حول الوطن ..
    وغسان حجازين كان من القليلين الذين احتضنوا الوطن ..
    رحمه الله واسكنه فسيح جناته .. وابدله دار خير من داره واهل خير من اهله ..

  2. لمثل هذا البطل وإخوته فلتتسطر الحروف ولتعبق برائحة الزعتر والشيح والدحنون .. لمثل من سطروا بدمائهم لوحة الوطن على صفحة السماء فلترسم الحروف في صفحات التاريخ صورهم .. لهؤلاء الذين نسيناهم عن سابق غفلة .. لهؤلاء الذين رضوا بالقليل عن جزاء تضحياتهم وما اغتصبوا وطنا ولا سطوا على تعب الفقير … لهؤلاء نقول ..” ناموا بسلام وجزاؤكم عن القدير “

  3. القائمين على الدولة همهم الوحيد كيف يسرق وينهب الدولة , وان يلحق كل العزائم والجهات والعطوات ,, مش فاضيين لمن ضحو من اجل ان تبقى الدولة , ليصلوا هم الى كراسي الدولة ويتمتعون باموال الدولة ,,,

  4. المرحوم البطل غسان حجازين كان يقاتل ضد اسرائيل فنسيته حكومة وادي عربه و نظام سايس بيكو. لو كان يقاتل مع الامريكان في افغانستان لحظي بتشييع رسمي و تغنت الحكومة ببطولاته

    اللهم انتقم من كل خونة العرب

  5. والدي طيار مصاب خدم في سلاح الجو الملكي, 70 % نسبة العجز في جسمه نتيجة حادث سقوط طائرته في المفرق, قبل سنة تقدمت بطلب تحسين اوضاع للهيئة الخيرية الهاشمية للمصابين العسكريين , طبعا اسمحولي بنبذة بسيطة عن الواقع الصحي لوالدي : قصر الساق الايمن 5 سم , كسور في الحوض , بلاتين لغاية الان مزروع بالقدم اليمنى, حالة فقدان ذاكرة مؤقتة متكررة , كاحل مثبت ,,و و و و. الهيئة الخيرية الهاشمية ردت انه حتى يستوجب النظر في حالته يجب ان لا يقل قصر احد الاطراف عن 7 سم , واصحاب المعالي والعطوفة يتقاضوا 500 دينار نسبة معلولية تقديرا لهم على جهودهم في سرقة ونهب الوطن .
    للعلم والدي يتقاضى راتب تقاعدي مقداره 300 دينار اضافة الى اقتطاع مبلغ 50 دينار قرض اسكان عسكري.
    رحم الله غسان حجازين
    ودمتم

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى