غزة: لحنُ البطولة في زمن النشاز العربي

#غزة: لحنُ #البطولة في زمن النشاز العربي.. حين يكتب الدمُ تاريخاً أعجز #الجيوش

كتب: احمد ايهاب سلامة

ها هي هدنة اخرى قريبة في غزة ستفتح أبوابها، ولكن أي هدنة تلك التي تأتي بعد أن رفعت هذه البقعة الصغيرة، التي لا تكاد تبرز على خرائط الجغرافيا، راية العروبة والإسلام عالية في وجه الطغيان؟
غزة، بجراحها النازفة، بصمودها الأصيل، بقبضات رجالها الأبية ودموع نسائها الثائرة، دافعت وحدها عن أمة الملياري مسلم، ووقفت صامدة نيابة عن 600 مليون عربي قد ابتلعوا ألسنتهم، وأغمضوا عيونهم عن قهر أشقائهم خلف الشاشات.

غزة… حكاية لا تشبه إلا نفسها
غزة لم تدخل التاريخ من بابه فحسب، بل اقتلعت أبوابه واقتحمته، وسجلت اسمها في سجل الخالدين بحروف من دماء الأبطال، وهي التي قاومت، وصمدت، وصبرت، وتحدت أعتى الآلات الحربية في الشرق، حرب بربرية امتدت نحو عامين كاملين، لم تهن فيها عزيمتها، ولم تلن إرادتها، ولم ترفع الراية البيضاء، بل ظلت تقاتل بشرف، وتنتصر بكرامة، وتكتب فصولًا جديدة من المجد في زمن انقرض فيه الرجال.

الجيش الذي لا يُقهر… انقهر
غزة وحدها، بأسلحتها البسيطة وعزيمتها الفولاذية، صمدت في وجه الجيش الذي طالما تغنى بكونه “الجيش الذي لا يُقهر”، كبدته خسائر فادحة، فاقت الثلاثين ألفا بين قتيل وجريح، وأكثر من 3500 دبابة وآلية سُحقت وتحولت إلى كومة حديد محترق، بل إن الذعر دب في أوصاله، وتزلزلت صورة التفوق الزائف في عيون العالم.

من يجب أن يشكر من؟
من الظلم أن نقول إن على غزة شكر من وقف معها لأن لا احد ساندها.. بل نحن، جميعنا، من يجب أن ننحني لها، علينا أن نطأطئ رؤوسنا خجلا أمام أمهات قدمن فلذات أكبادهن فداء لعقيدة، علينا أن نقبل تراب غزة الطاهر، الذي هو أطهر من جميع المنابر التي صدحت بالصمت، وأصدق من جميع الخطب التي ما أنقذت طفلا ولا أوقفت دمعة.

لن تقف غزة في صف الانتظار لتُشكر، فهي ليست بحاجة إلى كلمات زائفة، وإنما إلى أمة تتحرر من أوهامها.

غزة… أم البطولة وربة الصبر
تحية لأمهات غزة، من أنجبن رجالًا من نار وبارود، تحية لكل بيت تهدم وبقي شامخا كالجبال، لكل طفل فقد عائلته ولم يفقد انتماءه، لكل مقاتل حمل بندقيته في وجه الطغاة وصمد، لكل شهيد روى الأرض بدمه، فأثمرت مجدا وصمودا لا يقهر.

أمة تُهان وأخرى تُقاتل عنها!
غزة لا تحتاج إلى شفقة، ولا إلى قصائد مديح، ما تحتاجه هو أمة تشبهها، أمة تملك نخوتها، وتستعيد شهامتها، وتكسر قيود العجز والخذلان.

غزة لا تنتظر الشكر والعون من أنظمة خذلتها، بل تنتظر يقظة تعيد للأمة هيبتها، وتستعيد فينا كرامتنا المفقودة، ألم يحن الوقت لنستفيق من سباتنا الطويل؟

نهاية لا تشبه الختام
غزة لم تنتصر بالسلاح فقط، بل بالإيمان العميق، بالإرادة الجبارة، بالحق الذي لا يساوم، وبالحب الذي لا يموت.

أيها المتفرجون خلف شاشاتكم، يا من حسبتم أن النصر يُشترى أو يوهب، تعلموا من غزة: النصر لا يُمنح بل يُنتزع، والكرامة لا تُوهب بل تُدافع عنها بالدم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى