غزة… حررت العالم

#غزة… حررت العالم

المهندس: عبد الكريم أبو زنيمة


خلال عامين حقق #طوفان_الاقصى ما عجزت وفشلت الدول العربية مجتمعة من تحقيقه عسكريًا وسياسيًا ودبلوماسيًا على مدار اكثر من سبعين عامًا ولا سلطة اوسلو بعد ذلك على مدار ثلاثين عامًا من تنسيقها الامني واتفاقيتها، فخلال السبعة عقود الماضية صنع الكيان لنفسه سمعة عسكرية عالمية كجيش احترافي أخلاقي لا يُهزم وأنه واحة امن وامان واستقرار وبيئة اقتصادية استثمارية موثوقة ، أما سياسيًا فقد روج الكيان بأنه الدولة الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط التي تحترم المواثيق والمعاهدات وحقوق الانسان والتعددية … الخ ، كما انها ابتزت العالم بأسره ماليًا وسياسيا وعسكريًا خلال تلك الفترة بسرديتها المتمثلة بالمحرقة اليهودية المزعومة ، وبذلك تمكنت من جلب ملايين من يهود العالم لتوطينهم في الاراضي الفلسطينية المحتلة ليعيشوا في ارض المن والسلوى بعيدًا عن الحروب التي ستكون على ارض الغير خارج فلسطين.
جاء هذا الطوفان المباغت الذي لم يتنبأ به الكيان بالرغم من تسلحه بعصارة تكنولوجيا الرصد والتجسس لينسف كل ما بناه الكيان خلال الفترة الماضية ، ومرغ هذا الطوفان كبرياء وغطرسة واسطورة الجيش الذي لا يقهر ومنظومته الامنية والاستخبارية ، وبذات الوقت تكّشف للعالم أجمع وظهر الوجه الحقيقي لهذا الكيان الفاشي بأن جيشه هو جيش إجرامي توحشي بربري لا اخلاقي وأن المكون الاستيطاني له قيادة وشعبًا ما هم الا عصابة فاشية لا تؤمن الا بالدم والتوحش والارهاب مستندين الى معتقداتهم التوراتية التي تبيح ذبح ودماء الآخرين ، كما ان الطوفان الغزي أنهى والى الابد اكذوبة وخرافة الامن والامان وبيئة الاستثمار ، حيث يسجل يوميًا هروب رؤوس الاموال واغلاق الاستثمارت وهروب الاف المستوطنين الى اوطانهم الاصلية .
ان ابرز انجازات طوفان الاقصى هو التحول الجذري في العقل الجمعي العالمي شعوبًا ودولاً ومواقفهم من القضية الفلسطينية ، هذا الطوفان اجتاح كل دول العالم وعواصمه ومدنه وشوارعه ليقلب كل المواقف والموازين من مؤيدة للكيان وداعمة له الى رافضة إن لم نقل معادية له ، فهذه السيول البشرية التي تجتاح دول العالم يوميًا مطالبةً بنصرة غزة والحقوق الفلسطينية افرزت اعترافات عالمية بدولة فلسطين جردت الكيان العنصري من كل مؤيديه باستثناء السلطات الحاكمة الامريكية وقلة من اتباعها المغلوب على أمرهم ، وقد تجلى ذلك في خروج معظم ممثلي العالم من قاعة الامم المتحدة بما فيهم اقرب حلفائهم الغربيين عندما اعتلى مجرم الحرب نتن ياهو ليلقي خطابه فقط على مسامع المندوب الامريكي وبعض اتباعه ، هذه الإهانة والصفعة العالمية للكيان انطقت ترامب بقوله انه لا يستطيع مواجهة العالم !
لقد دفعت غزة أثمان باهظة جدًا من الدمار والشهداء والجرحى والمشردين والجوعى … لكن فلسطين تستحق هذه التضحيات ، المقاومة العربية جميعها في فلسطين ولبنان واليمن والعراق قدمت الكثير من التضحيات لكنها حققت المعجزات التي يصعب ذكرها في هذا المقال ، بالمقابل فإن الكيان الفاشي فشل في تحقيق أي إنجاز باستثناء الدمار وقتل وتجويع الابرياء من الاطفال والنساء والشيوخ ، فهو لم يتمكن من تحرير جثة اسير واحد بالرغم من القاء 200 الف طن من المتفجرات على غزة اي ما يعادل 13 قنبلة نووية كالتي اُلقيت على هيروشيما .
السلام الترامبي جاء ليس حبًا في السلام ولا إيمانًا به ، إنما جاء لينقذ الكيان وينقذ نفسه من هذا المأزق بعدما تبين له انه يستحيل تحقيق اي من الاهداف التي اعلن عنها الكيان ، ترامب رأى بأم عينه وأيقن بأنه أعجز من أن يبيض هذه الجرائم والإبادة أمام الرأي العام وأمام شعبه وان هذا الطوفان سيجرفه إن بقي متمسكًا بنتن ياهو ويبدو انه فهم معنى المثل العربي القائل ” انجُ سعد فقد هلك سعيد ” العالم كله انقلب على هذا التوحش والاجرام الصهيوني ، الشارع الامريكي بأغلبيته اصبح اليوم يناصر غزة والحقوق الفلسطينية ، 61% من يهود امريكا يرون في الكيان دولة اجرامية ، لهذا سارع الى تبني خطته للسلام مرغما بالرغم من أنه كان شريكا في هذه الحرب بكل عناوينها .
الدم الفلسطيني انتصر بالرغم من ركاكة الاتفاقية ، لكن هذا اقصى ما يمكن تحقيقه امام التخاذل والتواطؤ العربي الاسلامي ، هذا العالم الذي وقف متفرجًا بل ومنتظرًا ومؤيدًا وفي بعض الجزئيات مشاركًا في القضاء على المقاومة ، اذ ماذا نسمي كسرهم حصار اليمن ” صنعاء ” للاقتصاد الاسرائيلي من قبل الدول العربية والاسلامية وفتحها الخطوط البرية والبحرية والجوية لتزويد الكيان بكل احتياجاته ، ماذا نسمي الابقاء على كل الاتفاقيات والعلاقات مع الكيان بالرغم ان الكثير من دول العالم المسيحي قطعت تعاونها وعلاقاتها واتفاقياتها معه !
اليوم اصبح العالم متحررًا من الابتزاز الصهي..وني ، فسرديته التاريخية ” المحرقة ” اصبحت نكتة سمجة امام حجم توحشه واجرامه ودوسه على كل المواثيق الانسانية الدولية ، الكيان اليوم يقف عاريًا بصورته التوحشية الاجرامية الاستيطانية التوسعية ولن يتكمن أحد من ستره بعد هذا الدمار والاجرام والبطش الذي أحدثه في غزة ، ولتذكير بعض الاقلام المأجورة فان هذا التوحش لا يستهدف المقاومة في غزة وإنما يستهدف كل الشعب الفلسطيني والعربي ضمن نطاق مشاريعه التوسعية في عالمنا العربي من الفرات الى النيل ومن يتصدى له ، وأخيرًا ليس لأي كان في العالم ان يَمُنَ على المقاومة الفلسطينية بموقف مويد وداعم … فهذا المقاومة حررت العالم من الابتزاز الصهي..وني وإعلامه التضليلي، وأن غزة لن تكون إلا ريفيرا ألأبطال والمقاومة وموئلاً وملهماً لكل أحرار العالم والأنسانية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى