#غزة: جرحٌ نابض وشموخٌ لا ينكسر
بلا شك، لا يوجد ما هو أكثر فخرًا من أن تكون غزاويًا فلسطينيًا في هذا الزمن البغيض، الذي فقدنا فيه أبسط مقومات العز والكرامة، في زمن الانحطاط العربي والخسة، وغياب الأخلاق والمروءة، سيتعلم الطلاب في المدارس العسكرية أن هناك مقاومة صامدة في بقعة صغيرة، أرض العزة والكرامة، غزة.
سيدرسون كيف كان هناك مقاومون يواجهون دباباتٍ تساوي الملايين، مثل الميركافا والنمر وغيرها، وهم جالسون حفاة الأقدام، بينما يقزقزون البزر أو يتأرجحون، يستغفرون ويهللون ويكبرون، وهم على وجبة طعام، ويرسلون برقيات تعزية لأهاليهم، ويرتسم على وجوههم مزيج من الابتسامات والدموع.
سيسجل التاريخ بفخر أن بقعة صغيرة لا تتجاوز مساحتها 300 كم² أوقفت العالم الظالم بجوره وظلمه في حالة من الترقب والذهول. سيتذكر الغرب الكاذب، الذي افتخر بتطوراته العسكرية وأسلحته التي تكلف المليارات، أنه تم هزيمته بقذيفة “الياسين 105” من صنع القسام، وأن قذيفة هاون أسقطت آليات تقدر ثمنها بملايين الدولارات، وأن صاروخ عياش وصل إلى عمق تل أبيب المحتلة، ليترك أثره في أعماق قلوبهم.
ستتجلى أخلاق المسلمات في غزة، حيث كنّ أول من واجه التحديات، متشبثات بالحجاب كرمزٍ لشرفهن وكرامتهن، ليصبحن قدوةً لكل امرأة مسلمة في كل بقاع الأرض. إنهن يجسدن معاني القوة والثبات، في زمن تُعصف فيه القيم.
سيتعلم الكون المليء بالحماقات والكذب وادعاء الحريات الزائفة أن حقوق الإنسان والحريات في غزة تُعطى على أكمل وجه، وأنهم لم يقدّروا هذا الشعب العظيم كما يستحق. سيقولون لاحقًا: “هنا الأرض التي أنجبت مئة ألف شهيد، هنا الأرض التي حطمت أقنعة الزعماء المزيفين، هنا أرض العز والجبروت، هنا الكبرياء يمشي بتواضع، لاهب غزة يرفع صوته ويقول: انحني لكم، كم أنتم جبارون!”
سيتعلم هذا الكون المزري أن غزة العزة لا مثيل لها، وأنها صمدت في وجه أعتى قوى العالم رغم الحصار والجوع والعطش وقلة الموارد. ما زال أهلها يكبرون ويستغفرون ومرابطون، ويدعون الله أن يحفظ هذا الوطن العظيم، الذي يزخر بالشجاعة والإيمان.
بعد ما رأيناه وما كشفته غزة، تبين لنا حقًا أن فلسطين هي أم الشهداء، وكراسة للعلم والمروءة والكرامة والعدالة، وأنها الدولة الوحيدة المحاصرة منذ ما يقارب القرن، ما زالت تقاوم حتى تظفر بالنصر وتعيد أرضها.
حمى الله فلسطين وغزة ومقاومتها العظيمة، وحفظها من كل مكروه.