غرغرة..

مقال الأحد /زاوية سواليف
10-5-2020
لا يغرّد العصفور ليُطرب هو يتغرغر باللحن فقط..تفور حنجرته بالشدو ،فينثرها للريح ، لا يبحث عن تصفيق تحته أو وقوفٍ بشريّ في لحظة تأمل..هو يزقزق لنفسه ، ليحسّ أن الحياة ما زالت تصبُّ في جرار أحلامه الصغيرة…إنها غريزة البقاء..
عازف الكمان الفقير أيضاً..يغمض عينيه أثناء العزف على الرصيف ، ليحلّق باللحن في سهول الأمنيات ، لا يهمّه كم وضعوا له من نقود في القبّعة ، لا يهمّه إن وقفوا يستمعون أو يستمتعون ،أو مضواً في طريقهم وهي تشدّهم خيول أرجلهم وعربات وظائفهم اليومية ، هو يتغرغر بالموسيقى ،لينبت من بين رمشيه يوم جديد،وحلم جديد، ووتر جديد يحزّ إصبع الخشب..هو يعزف كي لا يتحجّر لبن اللحن في ضرع الكمان..
نحن لا نكتب لنُطرب، ولا نكتب لنملأ القبعة..نكتب لأن أصابعنا تغرغر بالحروف فيعضها فم التعبير إن نسيته ، نحن نكتب ليسرق العشاق بعض من عباراتنا ، أو يختارها البعض بطاقة تعريفية لمشاعرهم..نحن نكتب لأن الحياة قصيرة ،اذا لم نطرّز ثوبها بالحبر..سيحتلها عشب الصمت والسكون..

احمد حسن الزعبي
ahmedalzoubi@hotmail.com

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. اقرأ لك منذ سنوات ، واجد في مقالاتك تحليقا عاليا . القلم الجيد لا يخون الاصابع الصادقة . لكني احس ببعض الوحشة اذ تصمت طويلا ، واسأل نفسي : لم ؟ اعرف اننا نغرف من صحنين مختلفين ، وننشل من بئرين متباعدين ، لكن ما يسجل لك ان تفتح قلب سواليف للجميع ، مهنية صحفية عالية ، لا ضجر من اخر ، او صوت مختلف ، او جغرافيا بعيدة ، فالكلمة عندك مشروع وطني ، برق يعبر سماء الوطن ، يدوي في الجنوب ، فتشرئب اعناق ” الشماليات ” نحو وميض يشعل الليل بنور ساطع .
    صحنان مختلفان ، لكن للامانة تبقى ركنا من صحافة ” البلد ” ، سيذكره مؤرخ ذات زمن ، يشير اليه ، ويمنحه حقا واجب .

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى