غداً نلتقي / م . عبدالكريم ابو زنيمه

غداً نلتقي

في بادرةٍ فريدة نوعها، قامت حكومتنا بالتنازل وإجراء استفتاء حول موضوعٍ هام يشغل بال الشارع الأُردني، ألا وهو قانون الضريبة،
كانت هذه البادرة ستسجل إيجابياً لو كان قانون الضريبة المطروح جديداً ومراعياً للظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها الشعب الأُردني وغير مُستنسخٍ من القانون السابق، فإن كانَ الهدف من طرحه هو إجراء استفتاء حوله فقد تبين أنَّه مرفوض شعبياً بدرجة عالية جداً، وإن كان الهدف هو تمريره بالضحك على الذقون بشكلٍ مسرحي فهذه لبنة جديدة ستضاف إلى ركام الحقد الشعبي، عدا عن أنها ستلعب دوراً كبيراً في تعميق الفجوة بين الشعب ونظامه السياسي، هذا الشعب الذي كفر بكل الشعارات التي يسوقها الكذبة والمأجورين “الأمن والأمان..الولاء والانتماء..المواطنة..الخ”، فما يجري حالياً من جولاتٍ للوزراء على المحافظات ما هو إلا استعراض إعلامي ومحاولةٍ يائسة لامتصاص غضب الشارع الأردني !
أعتقد أن هناك مسودة أُخرى من القانون قد تم الاتفاق عليها مُسبقاً بين الحكومة ومجلس نوابها، هذه المسودة لا تختلفُ في جوهرها عن تلك التي طُرحت على الشعب، وسيتم إقرارها باستعراضاتٍ دونكيشوتية على مدى أكثر من حلقة تحت القبة، أثناء الحلقات المُرتقبة، سيقوم فريقٌ من النواب بصبِ جام غضبهم على الحكومة وقانونها، لتقوم الحكومة في نهاية الاستعراض “المرئي بالبث المباشر” بالتراجع والرضوخ لمطالب النواب وصيحاتهم وتهديداتهم، كما ستستجيب للتعديلات وصولاً للمسودة المتفق عليها سلفاً، وهكذا ستمرر الضريبة بعد أن استُفتي عليها شعبياً وأُقِرَت نيابياً بعد ان أدخلوا التعديلات عليها ! هكذا سيكون الإخراج المسرحي لقانون الضريبة ألذي لم يراعي أبسط المعايير المهنية العلمية المتمثل بمعدل النمو ألاقتصادي ودخل الاسرة ونفقاتها !
علينا نحنُ الشعب الأردني أن نكون على مستوى المسؤولية الوطنية وأن نطور وسائل وأدوات محاسبتنا لكل من لا ينحاز للوطن وشعبه، فهذه الضريبة بمضمونها الجوهري هي سلبٌ لما في جيب المواطن الفقير لتغطية نفقات رفاهية وسياحة وحفلات المتنفذين وأبنائهم ومحاسيبهم، علينا أن نشاهد مسرحية إخراج القانون ونعد قائمةً “غداً نلتقي” بأسماء النواب الذين سيصوتون لصالحها إضافةً لأولئك الذين تحوم حولهم شبهات الفساد والذين استغلوا نفوذهم في سبيل مصالحهم الشخصية وتماهوا مع نهج الفساد!
غداً سيعودون إلينا بعد انتهاء هذه الدورة البرلمانية مُستجدين أصواتنا أو عارضين شراءها بأموالنا المنهوبة، يجدر بنا أن نكون أكثر ذكاءً حينها وأن نشهر قائمة “غداً نلتقي” في وجوههم، وندير لهم ظهورنا كما فعلوا سابقاً وفعلوا اليوم بإقرارهم لهذا القانون الضريبي، علينا أن نوحد صفوفنا لمواجهة كل من يدير ظهره للوطن والمواطن وينحاز لمصالحه الضيقة، علينا أن نستفيد من تجارب شعوب الدول المتحضرة بتوحدها في مواجهة وإسقاط وإفشال كل ما يضر بمصالحها، قائمة “غداً نلتقي” هي القائمة السوداء لكل من يتنكر لوعوده وأهله وناخبيه، غداً نلتقي إذا ما توافقنا عليها وأدركنا أهميتها في ظلِ غياب أي نية للاصلاح سنؤسس لمرحلة نيابية قادرة على النهوض بالوطن والمواطن وستحد من العبث الانتخابي الذي أوصلنا إلى هذا الانهيار ، فلنكتب معاً قائمة “غداً نلتقي”
aboznemah@yahoo.com
م . عبدالكريم ابو زنيمه

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى