عُذراً رغيف الخبز

عُذراً رغيف الخبز
رائد عبدالرحمن حجازي

قبل أكثر من رُبع قرن قررت الحكومة آنذاك ضبط النفقات والتقشف في دعم بعض السلع الأساسية من خلال توزيع كوبونات للسكر والأرُز والحليب عن طريق وزارة التموين ، حيث تم تحديد الكميات التمونية لكل فرد من أفراد العائلة ، وكان المرجع لذلك هو دفتر العائلة .
في بداية الأمر سادت حالة من التذمر عند غالبية الناس حيث أصبح الفرد أسيراً لهذه الكوبونات وحريصاً على عدم تجاوز ما حددته له الحكومة من تلك المواد . لدرجة أن بعض أرباب الأسر كان يومياً يتفقد مخزونه الاستراتيجي من تلك المواد خوفاً من الإسراف من قِبل بعض أفراد العائلة . أما ربات البيوت فقد اتخذن أيضاً بعض القرارات الصعبة مثل التقليل من الزيارات الصباحية فيما بينهن وما يرافق تلك الزيارات من تحضير للهرايس والبَحَتة وغيرها من الحلويات التي تقترن مع فنجان القهوة .
بعد مدة من الزمن تبرمج الجميع مع هذه الكوبونات وأصبح استهلاك هذه المواد يتماشى مع ما تصرفه وزارة التموين من كوبونات ، لا بل وصل الأمر لدرجة أنه أصبح في غالبية البيوت فائضاً من هذه الكوبونات . لتتحول هذه الكوبونات لأوراق نقدية بين أيدي الناس ، فكان بإمكان صاحبها الإتفاق مع البائع لتبديل الرز على السكر أو الحليب أو يأخذ ما يريد من مواد أُخرى ويقوم البائع بخصم قيمة دعم الكوبون من ثمن تلك السلعة .
المضحك والمحزن بالأمر هو ما كان يتناقله بعض الناس من أحاديث وتحليلات في ذلك الوقت , فقد قالوا بأنه ستأتي علينا أيام ستقوم فيها الحكومة بِعد لُقم الخبز على الناس . وفعلاً هذا ما تم .
للأسف زرعوا فينا بُعبُع رغيف الخبز ولا زالوا حتى يومنا هذا مستغلين ذلك الرغيف وخطه الأحمر ليحرفوا أنظارنا عن فسادهم ونهبهم لخيرات البلد . لو نظرنا للموضوع من أكثر من زاوية لوجدنا بأن رغيف الخبز مسكين أمام أسعار المحروقات والكهرباء والماء والضرائب القراقوشية التي يُطلوا علينا بها واحدةً تِلو الأُخرى . عزيزي رغيف الخبز عُذراً منكم فقد عملوا منك كبشاً وتمترسوا خلفك حتى يُخفوا فسادهم .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى