الهدف مرصود والرشاش جاهز

الهدف مرصود والرشاش جاهز
م. أنس علوان

مع ساعات الحظر البطيئة وما يرافقها من ملل أصبح التقلب بين صفحات مواقع التواصل الإجتماعي عادة وروتين من غير أي إدراك ونحن نصارع أوقات الحظر المُرة. لكن الملفت هذه المرة أن جميع الصفحات صارت مليئة بمقاطع فيديو مختلفة المكان متوحدة المضمون وهي تتحدث عن الانتخابات النيابية وما رافقها من فوز او خسارة, لكن الاكثر جاذبية من بين تلك الفيديوهات هو أغنية أو شيلة حماسية كما يسمونها تبدأ بايقاع الهدف مرصود والرشاش جاهز, الكثير منا شاهد الفيديوهات المرافقة لهذه الاغنية وهي تعرض مشاهد لتجمعات بشرية على أبواب المرشحين ومراكز إدارة حملاتهم الانتخابية, ومنها ما يعرض مظاهر الإحتفال بالفوز والحصول على مقعد نيابي وحتى الخسارة وما يرافقها من إحتجاجات واعمال فوضى وتخريب.
الهدف مرصود والرشاش جاهز كانت في بعض المحافظات ترافق مقاطع إحتفال يرافقها اطلاق عيارات نارية بشكل مرعب وكثيف, وكأن السماء صارت عدواً لهم ومنافساً في صناديق الاقتراع, هذه المشاهد رغم قسوتها والذعر الناتج عنها اما بسبب عشوائية الاسلحة النارية وتقارب مستخدميها أو كثافتهم, واما بسبب الإستهتار عندما نشاهد طفلاً صغيراً وهو يطلق اعيرة نارية من سلاح اوتوماتيكي لا يجيد استخدامه الكبار حتى.
في مكان اخر الهدف مرصود والرشاش جاهز كانت جرعة معنويات يستخدمها المحتجون على خسارة مرشحيهم ليقوموا باحراق الكاوتشوك واغلاق الشوارع, والإعلان عن تحدي الدولة وإتهامهم بتزوير الانتخابات وكسر قيود الحظر الشامل, وحتى كل ما صدر عنها من اوامر دفاع تهدد وتتوعد.
كانت المطالبات الشعبية والصحية كبيرة وكثيرة بإرجاء عمل الانتخابات وتأجيلها الى إشعار اخر في ظل الظروف الراهنة وتطورات الفيروس الخطيرة والقفزة العملاقة في أعداد الاصابات, خصوصاً مع قرع ناقوس الخطر بقرب إمتلاء الأسرة في المستشفيات والخوف من عجز القدرة على تأمين الرعاية الصحية إذا ما ارتفعت الأعداد وتدهور الوضع الوبائي الى ما لا يحمد عقباه.
كل النداءات التي أُطلقت والاصوات التي ارتفعت قوبلت بالرفض والتجاهل ورأينا إصراراً غير معهود بإجراء الإنتخابات النيابية بوقتها المحدد, بحجة انها ستكون في نطاق امن تتخذ فيه أشد إجراءات السلامة والوقاية معولين على وعي المواطنين والتزامهم, وأن هذا الاستحقاق الدستوري لا يكون صحيحاً إلا بوقته وغير قابل للتأجيل, وأن المجلس الجديد سيكون قادر على سد المديونية او قتل عجز الموازنة, اذا ما أُسدل الستار عن المسرحية المعتادة والمنتهية الصلاحية بين مجلس النواب والحكومة.
بما أن قانون الدفاع مرن ويعطي لرئيس الوزراء و وزير الدفاع صلاحيات إصدار أوامر الدفاع في شتى المجالات مع بلوغها الرقم 20, فإنه نفسه من يخوله بإتخاذ قرار التأجيل نظراً للظرف الاستثنائي الذي نشهده. لكن بما أن العناد كفر فقد كفروا باليمين العظيم عندما اقسموا قائلين أن أحافظ على الدستور وأن اخدم الامة لا أن أنسف الامة واكون سبباً بانتشار الوباء اللعين فيها.
اليوم أطل علينا مسؤول الملف في وزارة الصحة قائلاً لم نعد نعول على إلتزام المواطنين وأن ما جرى ويجري ستكون عواقبه وخيمة, وحالة الفلتان الأمني والصحي التي شاهدناها في بعض المناطق وكسر قيود الحظر على إيقاع الهدف مرصود والرشاش جاهز, خرجت عن السيطرة حتى وإن عادت بالظاهر امنة.
نهايةً إن ما حصل وسيحصل في الأيام القادمة, فهو حصاد ما زرعت الحكومة من إرتجالية وتخبط, وهي مسؤولة ومكلفة بإتخاذ أي قرار تحمي فيه المواطنين وصحتهم من توفير أماكن للعلاج والرعاية الصحية متجاهلة بذات الحد عامل الكلفة, وهو الوقت الحقيقي للقول بأن الأهم بين أولوياتنا هو صحة المواطنين والباقي تفاصيل……

اظهر المزيد

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى