عيشة الفلاح

عيشة الفلاح
يوسف غيشان

هي الارض، نرثها عمن جاء قبلنا، ونورثها الى من يجيئون بعدنا. نذهب نحن وهم، وتبقى هي بعد ان تبتلع اجسادنا الفانية وتعيدنا الى ما كنا عليه …الى جزء من أديمها …من التراب الى التراب نعود.هي الأرض يعطيها جهدا وعرقا، فتعطيه حبا وحبا، هي الأرض تكرم من يكرمها وتخذل من يخذلها.
هي الارض، أمنا جميعا …. من بشر وحيوانات وحشرات ونباتات وكائنات …وهو ابنها النجيب الذي يأكل من حضنها ما تنتج من خيرات بالفأس، بالمجرفة، بالماكينة … لا تهم الأسماء، انها مجرد أدوات من اجل فلاحة الأرض وإخراج الميت من الحي واستنباط النبتة من البذرة لتكون طعاما له وللآخرين من بشر وحيوان ونبات أيضا. طبعا يبيع فائض نتاجه للكسالى أمثالنا، نحن من أعمانا وهج المدينة فتحولنا الى الات مستهلكة (تجوز بكسر اللام وبفتحها) كائنات تلبس مما لا تصنع وتأكل مما لا تزرع.
بنوك الاقراض تحاصره. السياسات الزراعية المغلوطة، والقرارات الادارية ترهقه، رائحة الفساد تزكمه. غالبا ما يخسر ونادرا ما يربح … لكنه لا يستطيع الفكاك. فلا مناص سوى الأرض ولا مناص من الكدح.
يعيش على الكفاف .. حبة بندورة رعاها مذ كانت شتلا ورغيف خبز، والقليل من ناتج زيت زيتونته المعمرة. زيتونا مكبوسا وزعترا من الحاكورة حول الدار. ربما يربي بضع دجاجات وعدة شياه لكفاية احتياجات البيت من بيض ولحم وحليب ومشتقاته التي تصنعها سيدة البيت.
انه مثل دودة القز: خلق ليعمل وينتج.
انه مثل دودة القز: تصنع اللباس للاخرين وتموت عارية.
انه مثل دودة القز لا يستطيع الابتعاد عن الشجرة ..عن الارض.
جميع النظريات والاجتهادات عقيمة وعاقر.
أما الأرض فهي الولود الدائمة الاخضرار!!
وهو مثل الاشجار… يموت واقفا!!!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى