#عيد_الأم و الدور المشترك للوالدين, فالفضل ليس حكرا” لطرف على حساب الطرف الأخر
المهندس محمود ” محمد خير” عبيد
يحتفل العالم العربي في 21/03 من كل عام بعيد الأم كما تحتفل دول اخرى من العالم بهذا العيد بمواعيد مختلفة. لا أحد ينكر #دور_المرأة بغض النظر عن موقعها الاجتماعي و المهني و مسمياتها في #المجتمع و هي جزء اساسي خلقه الله منذ خلق الكون و خلق امنا حواء كمكمل و متمم بشري لوجود الإنسانية على هذه الأرض. فأي امرأة تعيش حاليا على وجه هذه الأرض او عاشت لا تستطيع ان تنكر قدرة الخالق في انها مخلوقة من طين كالرجل و جاءت من صلب الرجل عندما اوجد الله اية من آياته بان وضع في صلب الرجل كروموسوم X المتمم لكروموسوم X في المرأة و الذي لولا اجتماعهم و توحدهم لما رأينا المرأة اليوم فلولا نطفة الرجل و مشيئة الله عز وجل لما ابصرت اي امرأة بغض النظر عن موقعها او مسماها النور في هذه الحياة طبعا”, كذلك لولا رحم المرأة لما نمى الرجل و ابصر النور على هذه الأرض. فلنعد الى موضوع عيد الأم, لو امعنا النظر في الكتب السماوية و عدنا الى القران الكريم الذي هو مرجعنا و منهجنا الأساسي قبل اي شيء و فوق اي شيء و هو المرسل من رب العالمين للبشرية لم يفضل احد من الوالدين على حساب احد فجميع الآيات التي جاءت في القران الكريم و الكتاب المقدس التي جيء فيها على ذكر الوالدين لم يأتي بذكر الأب و تفضيله على حساب الأم و لا الأم و تفضيلها على حساب الأب و لكن جمعت الآيات المنزلة بينهم و جاء ذكرهم مجتمعين, قال الله تعالى: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ﴾ [النساء: 36], قال سبحانه: ﴿ وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ) قال سبحانه: ﴿ وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا ﴾ [العنكبوت: 8 و كذلك لو عدنا للكتاب المقدس “أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ كَمَا أَوْصَاكَ الرَّبُّ إِلهُكَ، لِكَيْ تَطُولَ أَيَّامُكَ، وَلِكَيْ يَكُونَ لَكَ خَيْرٌ علَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلهُكَ” , اكرم اباك بكل قلبك ولا تنس مخاض امك. فمعادلة العائلة لا تكتمل الا باجتماع الأثنين الأب و الأم، فالأب يبقى هو اساس و عماد و اصل الأسرة و كيانها كما اراده الله، رضي من رضي و ابى من ابى فلولا نطفة الأب التي زرعها بأمر الله في ارض الأم لما نبت اي انسان على وجه البسيطة فما فائدة الأرض دون النطفة و ما فائدة النطفة دون الأرض و من ينكر وجود الأب و يقلل من شانه و يحط من كرامته و يعتبر الأم هي المرجع و الأصل و فضل الوجود بعد الله لها فهو واهم و جائر و ناكر. فالأب هو مصدر الحنان والاهتمام والأمان النفسي و الاجتماعي والاقتصادي و السند الصلب و الحكمة نقوى جميعنا بإبائنا فلولا وجود الأب لما كان هناك ام و اطفال و اولاد على وجه هذه البسيطة و العكس صحيح. الأب فيما مضى و ما زال و سيبقى هو من كان يجد و يتعب و يكدح ليؤمن قوت عائلته و عياله و مستقبلهم و امانهم الاقتصادي و الاجتماعي, هو من يسهر الليالي و يجوب العالم و يغامر و يشقى لتامين رغد العيش لهم و رفع شان عائلته ما استطاع اليه سبيلا”, الأب الذي يقلق على مستقبل عائلته و اولاده و يحرم نفسه من متاع الدنيا ليضمن مستقبل اولاده الذين يجحدون في غالبهم و ليس الجميع و يجيروا ذلك للأم و ارضاء عنفوانها. الأب هو أراد الله ان ننسب اليه منذ بدء الخليقة ليرسل لنا رسالة بأن ابائكم هم اصل وجودكم على هذه الأرض. الأب هو من لا يعرف للأنانية طريق و نكران الذات شعاره الأول, الأب هو من يؤدب و يوجه و ينصح, هو عماد كل بيت و الأم واجبها ان تربي النشئ تربية صالحة قائمة على الأحترام و الحفاظ على ترابط المؤسسة العائلية بعيدا” عن تفضيل طرف على حساب طرف. فاذا ما كانت التربية صالحة مبنية على المحبة و التسامح و العدل و عدم التفرقة و البعد عن الأنانية و حب التملك و التسلط و احترام الأب و تقدير وجوده و جهده و تعبه و عدم التقليل من شانه و من دوره في حياة اولاده و عائلته و احترامه, انشات جيلا” صالحا” محبا”, بارا” بها و بزوجها و اذا ما كانت متسلطة, انانية, تحب التملك, تفرق في المعاملة بين افراد العائلة و تنفر بين الأبناء و والدهم و عائلتهم فتكون مثلا” جاحدا” سيحاسبها الله على خيانتها امانة التربية العادلة, الصالحة و التفريق بين أبنائها و التقليل من شان الأب و دوره و تجيير الفضل لها و ستجازى على عدم صون الأمانة التي القاها عليها الله و الأب. ما اود ان اقوله ان عيد الأم هو عيد اقتصادي بحت، كعيد الحب والأعياد القائمة على المبدأ الاقتصادي كثيرة ظهرت في مجتمعات مختلفة ليس لها مرجع ثقافي او اجتماعي او ديني هدفها الحقيقي هو تنشيط الحركة الاقتصادية فالأصل في الاحتفال اذا ما كان من الواجب الاحتفال هو بر و تكريم الوالدين مجتمعين لأنهم هم اصل لأي عائلة. فدائما” يحاول المجتمع ان يظهر ان الأم الحلقة الأضعف في اي معادلة و انها المغلوبة على امرها و المهضومة حقوقها و لكن الغالبية العظمى عكس ذلك , فلننظر الى حالنا اليوم اصبحت الأم فقط هي من تحمل و تنجب و المربيات و الخادمات هم من يربوا حتى وصلنا الى جيل مستهتر , غير متزن, جيل هش, فاشل في غالبيته, فاسد و ما زال الأب يجني و يتعب من اجل تامين مستقبل اولاده و السهر على راحتهم و مصاريف و متطلبات الأم و رواتب المربية, نعم قد تكون هناك تجارب فاشلة لا احد يستطيع ان يغفل عن ذلك و لكن ليس من واجبنا التعميم فلكل حالة ظروفها و مسبباتها و ليس كل الآباء اباء و ليس كل الأمهات امهات. فكم من اب ترك عبء الأولاد و تربيتهم و متطلباتهم للأم و كم من ام كانت سببا” في دمار عائلتها من خلال انانيتها و حب تسلطها و بث روح الفرقة بين اركان عائلتها و الانسياق خلف مصالحها و اهوائها على حساب مصالح عائلتها و لو نظرنا الى اسباب الفرقة و دمار العائلات لوجدنا الأنانية و عدم الأحترام و قلة الاهتمام و كثرة المتطلبات على حساب قوت بيتها و اولادها و كثرة الشكوى و التذمر هي الأساس, في اعتقاد البعض ان المؤسسة الزوجية عبارة عن نزهة نستطيع ان نعود منها متى شأنا, و لا باس من ان دمر مستقبل اسرنا و لكن الواقع غير ذلك ابدا” يجب ان يتحمل الأب و الأم تجاوزات بعضهم بعضا” من اجل الأبقاء على هذه المؤسسة التي بنيت بأمر من الله متناسين الأية الكريمة (هو الذي خلقكم من نفس واحدة وجعل منها زوجها ليسكن إليها), وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ, فهل هناك من متفكر في عصرنا ,فأي عائلة آيل بنيانها الى السقوط نجد ما سبق سبب دمارها. فاي امرأة متسلطة, متفردة, انانية, تقلل من شان زوجها و عائلته و لا تهتم به و بمتطلباته و متطلبات اولاده و تقلل من شأن احد أبنائها على حساب رفع شأن الأخرين و لم تعمل على تنشئة ابناءها على المحبة و الاحترام و التقدير كل ما يهمها تلبية متطلباتها, و تامين نفسها على حساب عائلتها و حقوقهم و واجباتهم تكون النتيجة حصد شوك الفرقة و الحقد و الدمار التقليل من شان دور الأب و الأبناء بين بعضهم و زرع الضغينة القاتلة و الحقد و الحسد و الغيرة. ان الأب والأم يحملون امانة ثقيلة على اكتافهم ان لم يكونوا على قدر هذه الأمانة سوف يحاسبهم الله على تقصيرهم بحق أنفسهم اولا ومن ثم بحق عائلتهم وعلى ما جنته ايديهم من سوء تأديب وتربية وتهذيب و قلة احترام بين افرادها كل بما جنته يداه فلا الأب و لا الأم سوف يهربوا من حكم الله عليهم و بما جنته ايديهم. الأصل بنا جميعا” ان لا يقلل أحد منا سواء رجل او امرأة من دور الأخر فالجميع سواسية امام الله والجميع مكملين لنسيج هذا المجتمع وليس لاحد فضل على احد. قد نتفق و قد نختلف و لكن لولا وجود الذكر و الأنثى لما استمرت الحياة على هذه الأرض. و لكن اهم ما في الأمر هو ان نصون الأمانة التي اوكلها الله لنا بان ننشئ جيل نحسن تأديبه و تربيته, يحترم و يقدر الأخر, يحترم الأرض الذي يعيش عليها و يصونها و يدافع عنها, ان يتقبل كل منهم الأخر بعيد عن العنصرية و الطائفية و الفرقة و التفرقة. جيل يقدس المحبة والود والسلام. يحترم التعايش بين الناس بغض النظر عن دينهم ولونهم ومعتقداتهم و اصلهم و جنسهم، جيل يقدر و يثمن ما جناه الأباء و الأجداد و يحافظ على ما اورثوه لنا من ارث عظيم من المبادئ و الأخلاق و التقدير و الاحترام. هذا لا يزرع لا في المدرسة ولا في الجامعة ولا في المجتمع ولا في الشارع انما يزرع فقط داخل العائلة ولا يغذى الا بمحبة العائلة. سلم الله الجميع وحماهم. وبارك للجميع بعائلاتهم و اولادهم و كل عام و جميع العائلات و الأباء و الأمهات جنبا” الى جنب بخير و محبة و سلام و جنبنا جميعا” الانانية المقيتة و قلة التقدير و الاحترام و نكران الأخرين و الجحود و نفوض امرنا لله بكل من كان سببا” للتفرقة و الجحود و قلة الاحترام و التقدير بكل من ربى و لم يحسن التربية و بكل من ادب و لم يحسن التأديب و بكل من زرع الفتنة و الغيرة و الحسد و الأنانية و الغرور في قلوب ابنائهم. لآن هذا الكون لن يعمر الا بالعودة الى اصل ما بعث به الله الرسل المحبة و السلام و الاحترام و الأخلاص و التقدير في عصر كثر فيه ابناء مسيلمة الكذاب و الدجال الأعور ممن يسمون انفسهم رجال دين و شيوخ, و متدينين ممن نصبوا انفسهم عباد. الله الصالحين على الأرض و هم من بايديهم مفاتيح الجنة و هم من يفقهوا بالدين, و يقدموا فتاويهم و املاءاتهم على شرع الله , فلنعد الى اخلاق و مباديء الدين و الى فطرتنا التي فطرنا الله عليها و لندوس على كل منافق باسم الدين بارجلنا و لنحارب العالم بعيدا” عن الدجالين من اصحاب العمائم الكاذبة بأخلاقنا و مبادئنا و قيمنا و محبتنا التي هي اصل الدين, فالله بعثنا هذه الأرض لنعمرها بالمحبة و السلام و الود و ليس بكره الدجالين من رجال الدين و حقدهم و غرورهم و سمومهم التي يبثوها في عقول اتباعهم.