عيد الأضحى المبارك – المعاني والدلالات

#عيد_الأضحى المبارك – المعاني والدلالات/ إعداد ماجد دودين

العيد مظهر من مظاهر #الدين، وشعيرة من شعائره المعظّمة التي تنطوي على حِكَمٍ عظيمة، ومعان جليلة، وأسرار بديعة لا تعرفها الأمم في شتى أعيادها.

أَقْبَلَ الْعِيْـدُ حَامِـلاً عِطْرَ عُوْدِ ** يَتَغَـنَّى بِلَحْنِـهِ الْمَعْهُـــــــــْودِ

يَتَبَـاهَـى بِحُـلَّـةٍ وَحُلِـيٍّ ** فَهَنِيْـئًـا لَنَا بِبَسْمَـةِ عِيْـــــــــــــــــــدِ

مقالات ذات صلة

هَـا هوَ الْعِيـدُ مُزْدَهٍ بِسَنَاءٍ ** وَصَفَاءٍ يَا أُمَّــــــــــــةَ التَّـوْحِيْـدِ

مَجِّدُوا اللهَ وَاسْجُدُوا الْيَوْمَ شُكْرًا ** إِنَّ فِـي الشُّكْرِ نِعْمَةَ الْمَعْبُوْدِ

هذه أيام التكبير والتهليل والتحميد …

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الله أكبر غافرُ الزلاَّتِ*** داعِي الحَجيج إلى ثَرى عرفاتِ

الله أكبر ملءَ ما بين السما*** والأرضِ عدَّ الرملِ والذرَّاتِ

والحمدُ لله العليِّ فنورُه*** في الذكرِ كالمِصباحِ في المِشكاةِ

الله أكبر بُكرةً وعشيَّةً***الله أكبرُ سامعُ الأصواتِ

الله أكبر عالمًا ومُهيمِنًا***مُحصِي الحَجيج وجامعِ الأشتاتِ

الله أكبر مُبصِرُ النملِ الذي*** في ليلةٍ سوداء فوق صفاةِ

قد أبصرَ الجمعَ الغفيرَ وإنه***ليَرَى نِياطَ القلبِ والنَّبَضاتِ

الله أكبر لن تُوارِيَ دمعةٌ*** عنه الدموعَ وخافِيَ العَبَراتِ

الله أكبر فاستجِبْ يا ربَّنا*** ولتَمْحُ عنا سالفَ العَثَراتِ

  • العيد في معناه الديني شكر لله على تمام العبادة، لا يقولها المؤمن بلسانه فحسب، ولكنها تعتلج في سرائره رضا واطمئنانا، وتنبلج قي علانيته فرحا وابتهاجا، وتُسفر بين نفوس المؤمنين بالبشر والأنس والطلاقة، وتمسح ما بين الفقراء والأغنياء من جفوة.
  • العيد في معناه الإنساني يوم تلتقي فيه قوة الغني، وضعف الفقير على محبةٍ ورحمةٍ وعدالةٍ من وحي السماء، عنوانها الزكاة والإحسان والتوسعة.
  • يتجلى العيد على الفقير المُترب. فيطرح همومه، وينسى مكاره العام ومتاعبه، وتمحو بشاشة العيد آثار التبرم من نفسه، وتنهزم لديه دواعي اليأس على حين تنتصر بواعث الرجاء والأمل والتفاؤل.
  • العيد في معناه الزمني قطعة من الزمن خصصت لنسيان الهموم.
  • العيد في معناه الاجتماعي يوم الأطفال يفيض عليهم بالفرح والمرح، ويوم الفقراء يلقاهم باليسر والسعة، ويوم الأرحام يجمعها على البر والصلة، ويوم المسلمين يجمعهم على التسامح والتزاور، ويوم الأصدقاء يجدد فيهم أواصر الحب ودواعي القرب، ويوم النفوس الكريمة تتناسى أضغانها، فتجتمع بعد افتراق، وتتصافى بعد كدر، وتتصافح بعد انقباض.

وفي هذا كله تجديد للرابطة الاجتماعية على أقوى ما تكون من الحب، والوفاء، والإخاء.

وفيه أروع ما يُضفي على القلوب من الأنس، وعلى النفوس من البهجة، وعلى الأجسام من الراحة.

وفيه من المغزى الاجتماعي – أيضا -تذكير لأبناء المجتمع بحق الضعفاء والعاجزين؛ حتى تشمل الفرحة بالعيد كل بيت، وتعم النعمة كل أسرة. وإلى هذا المعنى الاجتماعي يرمز تشريع صدقة الفطر في عيد الفطر، ونحر الأضاحي في عيد الأضحى؛ فإن في تقديم ذلك قبل العيد أو في أيامه إطلاقا للأيدي الخيّرة في مجال الخير؛ فلا تشرق شمس العيد إلا والبسمة تعلو كل الشفاه، والبهجة تغمر كل القلوب.

  • في العيد يستروح الأشقياء ريح السعادة، ويتنفس المختنقون في جو من السعة، وفيه يذوق المعدمون طيبات الرزق، ويتنعم الواجدون بأطايبه.
  • في العيد أحكام تقمع الهوى، من ورائها حِكَمٌ تغذي العقل، ومن تحتها أسرار تُصفّي النفس، ومن بين يديها ذكريات تثمر التأسي في الحق والخير، وفي طيها عبر تجلّي الحقائق، وموازين تقيم العدل بين الأصناف المتفاوتة بين البشر، ومقاصد سديدة في حفظ الوحدة، وإصلاح الشأن، ودروس تطبيقية عالية في التضحية، والإيثار، والمحبة.
  • في العيد تظهر فضيلة الإخلاص جليّة للجميع، ويهدي الناس بعضهم إلى بعض هدايا القلوب المخلصة المحبة، وكأنما العيد روح الأسرة الواحدة في الأمة كلها.
  • في العيد تتسع روح الجوار وتمتد، حتى يرجع البلد العظيم وكأنه لأهله دار واحدة يتحقق فيها الإخاء بمعناه العملي.
  • العيد في الإسلام سكينة ووقار، وتعظيم للواحد القهار، وبعد عن أسباب الهلكة ودخول النار. والعيد مع ذلك كله ميدان استباق إلى الخيرات، ومجال منافسة في المكرمات.
  • ومما يدل على عظم شأن العيد أن الإسلام قرن كل واحد من عيديه العظيمين بشعيرة من شعائره العامة التي لها جلالها الخطير في الروحانيات، ولها خطرها الجليل في الاجتماعيات، ولها ريحها المهابة بالخير والإحسان والبر والرحمة، ولها أثرها العميق في التربية الفردية والجماعية التي لا تكون الأمة صالحة للوجود، نافعة في الوجود إلا بها. هاتان الشعيرتان هما شهر رمضان الذي جاء عيد الفطر مسك ختامه، وكلمة الشكر على تمامه، والحج الذي كان عيد الأضحى بعض أيامه. فهذا الربط الإلهي بين العيدين،  وبين هاتين الشعيرتين كاف في الحكم عليهما، وكاشف عن وجه الحقيقة فيهما، وأنهما عيدان دينيان بكل ما شرع فيهما من سنن، بل حتى ما ندب إليه الدين فيهما من أمور ظاهرها أنها دنيوية كالتجمل، والتحلي، والتطيب، والتوسعة على العيال، وإلطاف الضيوف، والمرح واختيار الأطايب ، واللهو مما لا يخرج إلى حد السرف، والتغالي، والتفاخر المذموم ؛ فهذه الأمور المباحة داخلة في الطاعات إذا حسنت النية؛ فمن محاسن الإسلام أن المباحات إذا حسنت فيها النية، وأريد بها تحقق حكمة الله ، أو شكر نعمته -انقلبت قربات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ” إنَّكَ لَنْ تُنْفِقَ نَفَقَةً تَبْتَغِي بهَا وجْهَ اللَّهِ إلَّا أُجِرْتَ عَلَيْهَا، حتَّى ما تَجْعَلُ في فَمِ امْرَأَتِكَ.”  فالنِّيةُ الصالحةُ في كلِّ عمَلٍ مِن أهمِّ الأمورِ؛ فجَميعُ العِباداتِ الشَّرعيَّةِ لا تصحُّ ولا تُقبَلُ إلَّا بوُجودِ النِّيَّةِ فيها، حتَّى إنَّ الأعمالَ العاديةَ إذا اقترنَتْ بها النِّيةُ الصالحةُ فإنَّه يَحصُلُ بها الأجرُ. وفي هذا الحديثِ يُبيِّنُ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّ الأجرَ ليس مَحصورًا في التَّصدُّقِ بالمالِ على الغيرِ، بلِ النَّفقةُ الَّتي يُنفِقُها على نفْسِه وأهلِه وغيرِهم إذا قصَدَ بها وَجْهَ اللهِ تعالى لا الرِّياءَ والسُّمعةَ؛ فإنَّه مَأجورٌ عليها، فما أُريدَ به وَجْهُ اللهِ يَثبُتُ فيه الأجرُ، وإنْ حصَلَ لفاعلِه في ضِمنِه حظُّ شَهوةٍ مِن لذَّةٍ أو غيرِها؛ كوَضْعِ لُقمةٍ في فَمِ الزَّوجةِ، وهو غالبًا لحظِّ النَّفسِ والشَّهوةِ، وإذا ثبَتَ الأجرُ في هذا، ففيما يُرادُ به وَجْهُ اللهِ فقط أحْرَى. وفي الحديثِ: دَلالةٌ على أنَّ النِّيَّةَ الصَّالحةَ تَقلِبُ العادةَ عِبادةً؛ فيَنْبغي للعاقلِ ألَّا يَتحرَّكَ حرَكةً إلَّا يَبتغي بها وَجْهَ اللهِ تعالى.
  • كلا طرفي العيد في معناه الإسلامي جمال، وجلال، وتمام وكمال، وربط واتصال، وبشاشة تخالط القلوب، واطمئنان يلازم الجنوب، وبسط وانشراح، وهجر للهموم واطّراح، وكأنه شباب وخطته النضرة، أو غصن عاوده الربيع؟ فأزهر بالخضرة.
  • ليس السر في العيد يومه الذي يبتدئ بطلوع الشمس وينتهي بغروبها، وإنما السر فيما يعمر ذلك اليوم من أعمال، وما يغمره من إحسان وأفضال، وما يغشى النفوس المستعدة للخير فيه من سمو وكمال؛ فالعيد إنما هو المعنى الذي يكون في العيد لا اليوم نفسه.
  • هذه بعض معاني العيد كما نفهمها من الإسلام، وكما يحققها المسلمون الصادقون؟ فأين نحن اليوم من هذه الأعياد؟ وأين هذه الأعياد منا؟ وما نصيبنا من هذه المعاني؟ وأين آثار العبادة من آثار العادة في أعيادنا.
  • لئن كان من حق العيد أن نبتهج به ونفرح وكان من حقنا أن نتبادل به التهاني، ونطرح الهموم، ونتهادى البشائر – فإن حقوق إخواننا المشردين المعذبين شرقا وغربا تقضي أن نحزن لمحنتهم ونغتم، ونعنى بقضاياهم ونهتم؟ فالمجتمع السعيد الواعي هو ذلك الذي تسمو أخلاقه في العيد إلى أرفع ذروة، ويمتد شعوره الإنساني إلى أبعد مدى، وذلك حين يبدو في العيد متماسكا متعاونا متراحما، حتى ليخفق فيه كل قلب بالحب، والبر، والرحمة، ويذكر فيه أبناؤه مصائب إخوانهم في ا لأقطار حين تنزل بهم الكوارث والنكبات.
  • ولا يراد من ذلك تذارف الدموع، ولبس ثياب الحداد في العيد، ولا يراد منه – أيضا – أن يعتكف الإنسان كما يعتكف المرزوء بفقد حبيب أو قريب وإنما يراد من ذلك أن تظهر أعيادنا بمظهر الأمة الواعية، التي تلزم الاعتدال في سرائها وضرائها؟ فلا يحول احتفاؤها بالعيد دون الشعور بمصائبها التي يرزح تحتها فريق من أبنائها. ويراد من ذلك أن نقتصد في مرحنا وإنفاقنا؛ لنوفر من ذلك ما تحتاج إليه أمتنا في صراعها المرير الدامي.
  • أيها المسلم المستبشر بالعيد: لا شك أنك تستعد أو قد استعددت للعيد أباً كنت، أو أماً، أو شابا، أو فتاة، ولا ريب أنك قد أخذت أهبتك لكل ما يستلزمه العيد من لباس، وطعام ونحوه؟ فأضف إلى ذلك استعدادا تنال به شكورا، وتزداد به صحيفتك نورا، استعدادا هو أكرم عند الله، وأجدر في نظر الأخوة والمروءة ألا وهو استعدادك للتفريج عن كربة من حولك من البؤساء، والمعدمين، من جيران، أو أقربين أو نحوهم؟ فتش عن هؤلاء، وسل عن حاجاتهم، وبادر في إدخال السرور إلى قلوبهم. وإن لم يسعدك المال فلا أقل من أن يسعدك المقال بالكلمة الطيبة، والابتسامة الحانية، والخفقة الطاهرة.
  • تذكر في صبيحة العيد، وأنت تقبل على والديك، وتأنس بزوجك، وإخوانك وأولادك، وأحبابك، وأقربائك، فيجتمع الشمل على الطعام اللذيذ، والشراب الطيب، تذكّر يتامى لا يجدون في تلك الصبيحة حنان الأب، وأيامى قد فقدن ابتسامة الزوج، وآباء وأمهات حُرِموا أولادهم، وجموعا كاثرة من إخوانك ممن يعانون ويتألمون؟
  • تذكر في العيد وأنت تأوي إلى ظلك الظليل، ومنزلك الواسع، وفراشك الوثير تذكر إخوانا لك يفترشون الغبراء، ويلتحفون الخضراء، ويتضورون جوعاً في العراء. استحضر أنك حين تأسو جراحهم. وتسعى لسد حاجتهم أنك إنما تسد حاجتك، وتأسوا جراحك (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض)، (وما تنفقوا من خير فلأنفسكم)، و(من عمل صالحا فلنفسه) و” من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفسن الله عنه كربة من كرب يوم القيامة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه “، و” من لم يهتم بأمور المسلمين فليس منهم ” و”مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر.
  • قال صلى الله عليه وسلّم: “إنَّ المسلمَ إذا لَقِي أخاه فأخذ بيدِه تحاتَّت عنهما ذنوبُهما كما يتحاتُّ الورقُ عن الشَّجرةِ اليابسةِ في يومِ ريحٍ عاصفٍ وإلَّا غُفِر لهما ولو كانت ذنوبُهما مثلَ زبدِ البحرِ”.
  • خرجَ النَّاسُ يومَ عيدٍ وراحوا *** رافلينَ بزينــــــةٍ وســـــــــرورِ
  • وأرى العيدَ في رضى اللهِ عنِّي *** فهو عيدي وبهجتي وحبوري

ليس العيد لمن لبس الجديد إنما العيد لمن أمن من الوعيد

ليس العيد لمن لبس الجديد، إنما العيد لمن طاعاته تزيد

ليس العيد لمن غُرف له إنما العيد لمن غفر له.

سئل أحد الصالحين المصلحين: متى عيدكم؟

فقال يومٌ لا نعصي فيه الله سبحانه فذلك عيدنا

ليس العيد لمن لبس الثياب الفاخرة، إنما العيد لمن أمن عذاب الآخرة،

ليس العيد لمن لبس الرقيق إنما العيد لمن عرف الطريق.

ليس العيدُ لمن عقَّ والدَيه فحُرِم الرّضَا في هذا اليومِ المبارَك السعيد، وإنما العيد لمن أطاع والديه وبورك

ليس العيدُ لمن يحسُد الناسَ على ما آتاهم الله من فَضله،

وليس العيدُ لخائنٍ غشّاش كذّاب يسعى بالأذَى والفسادِ والنميمةِ بين الأنام.

كيف يسعَد بالعيد من تجمَّلَ بالجديد وقلبُه على أخيهِ أسود؟!

كيف يفرح بالعيدِ من أضاع أموالَه في الملاهِي المحرَّمة والفسوقِ والفجور؟!

كيف يسعد بالعيد من سفك الدماء وعصى رب الأرض والسماء؟

كيف يسعد بالعيد من ملبسه حرام ومركبه حرام وغذي بالحرام؟

كيف يسعد بالعيد من يمنَع حقَّ الفقراء والضعفاء ولا يخشى البعثَ والنشور، لا يعرِف

من العيدِ إلا المآكلَ والثوبَ الجديد، ولا يفقَه مِن معانيه إلاّ ما اعتاده من العاداتِ والتقاليد، ليس لهم منَ العيد إلا مظاهرُه، وليس لهم من الحظِّ إلا عواثِرُه.

ختاماً عيد سعيد وعمر مديد وعيش رغيد وفرح ومزيد برحمة الله العزيز الحميد … تقبل الله طاعاتكم وكل عام وأنتم وأوطاننا وأمتنا والبشرية جمعاء بخير.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى