عيب ….!!! توجان فيصل

كتبت .. توجان فيصل
محطة تلفزيونية جديدة ستطلق في الأردن، بدل إصلاح المحطة الرسمية التي يعترف الجميع، بما فيهم سلسلة حكومات متوالية، بفشلها. وقيل لنا أن المحطة الجديدة ستكون بسوية البي بي سي ودويتشة فيله! ولم تتم المقارنة بمحطات عربية إلا لاحقا، فقيل أنها ستكون “كالجزيرة” أو “العربية” توجد بالتوازي مع وليس كبديل للمحطات الحكومية!

وبمجرد أن جرى تسريب إشاعات عمن سيتولى إدارة المحطة، ثبت لنا صحة التسريبات. فالمرشح لرئاسة مجلس إدارتها شطح بمقالاته الجديدة لتسويق نفسه بكونه قادرا على إقناع أي كان بأي شيء. وهو ما سبق واضطرني مكررا للرد عليه، ليس فقط لتفنيد ما جاء في مقالاته، بل الأهم للاحتجاج على استخفافه بعقول القراء، ولتسجيل موقفي المبدئي الحريص على قيمة “العقل” وشرف وقدسية الكلمة!

وفي البداية لم أذكره بالاسم، حيث تصديت لمحاولته استثمار “استشهاد” الطيار الأردني معاذ الكساسبة لمكاسب “مناصبية” . وفي مقالتي “الهوية” رددت على مقالة له حفلت بالمغالطات التاريخية والسقطات المهنية (لدرجة أنه أساء لمن أراد أن يمدح) لينتهي لتقزيم الهوية الأردنية ليصبح رمزها “المنسف” ! ثم اضطررت لذكر اسمه “فهد خيطان” صراحة حين رددت على جملة مزاعمه بمقالتي “جرائم مخجلة.. يوميا؟!” على مقالته “أشقاء لا غرباء” ، والتي دافع فيها عن خمسة عسكريين عراقيين يتدربون في الأردن تحرشوا ليلا بفتاة أردنية واعتدوا بالضرب المبرح على شاب أردني تطوع لتخليصها.

ففي حمأة دفاعه المستميت عن الاستثمارات العراقية التي جلها تم ويتم بالأموال العراقية المنهوبة حقيقة، اعتبر كاتبنا ما قام به هؤلاء “الإخوة” بالتحرش جمعا بفتاة في الشارع مجرد “مخالفات” ، واتهم “جميع الشبان” بكون ظاهرة التحرش موجودة لديهم ما جعل شبانا أردنيين وغيرهم كثر يتصدون له غاضبين على صفحاتهم.. ووصل به الدفاع المعمي لاتهام الأردنيين العاملين في الخليج بأنهم يرتكبون يوميا “جرائم مخجلة” ، وهو ما تحديته أن يبرز بيناته.

ولكن الأسوأ الذي اقترفه هذا المدافع عمن نهبوا العراق وأساؤوا لسمعته العسكرية، مقالته المنشورة بعد إعلان تعيينه رئيسا لمجلس إدارة المحطة التلفزيونية الجديدة، تحت عنوان “الجلبي في حياته ومماته” ! فهو إذ يعرض لمسار حياة أحمد الجلبي يورد مغالطات تتجاوز توصيفات أفعال الرجل بما يصل لتجميلها (دفعه لشركائه الأردنيين في الفساد يصبح “بكرمه البالغ كسب قلوب أعتى السياسيين” !!).

وعن خروجه من الأردن بعد إفلاس بنك البتراء يكرر “الرواية شبه الرسمية” عن “فراره من الأردن إلى سوريا ثم لبيروت، مختبئا في الصندوق الخلفي لأحد معاونيه” ! ولا يذكر حقيقة أنه كان موقوفا في السجون الأردنية، فكيف فر الجلبي ابتداء من سجنه؟! أين هو هذا الفصل “المنزوع” من “الرواية الرسمية” ؟! من لا يملك الإجابة لا يطرح السؤال المحرج.. ولكن صحفيّنا المتذاكي يظن أنه قادر على تسويق نسختة الجديدة للقصة فيقع في الأسوأ قاطبة!

ويقدم نسخته المخترعة بقوله “ثمة من يعتقد وحتى يومنا هذا” – ولا يذكر أيا من هؤلاء المزعومين- “أن الجلبي ‘والبتراء’ كانا ضحية لمؤامرة مدبرة، تقف خلفها حسابات عابرة للحدود، ومصالح اقتصادية لنخبة من رجال الأعمال والساسة المحسوبون على نظام صدام حسين” !!

وهذه سقطة تتجاوز غياب “المهنية” لغياب ما هو أهم. وتفوق اعتبار “التحرش الجنسي” مخالفة ووسم كل الشباب بها واتهام نصف مليون أردني يقيمون بالخليج منذ عقود بارتكاب “جرائم مخجلة يوميا” بما يجعل حصة الواحد منهم بعشرات الجرائم ..ولكنها من نفس “نوع” هذه السقطات.

صدام حسين لم يسع لتدمير الاقتصاد الأردني ولا أمثال الجلبي من رجاله. صدام أعان الأردنيين ما أمكنه، فاشترى كل نتاج صناعتنا بغض النظر عن كونها منافسه، وأعطانا نصف حاجتنا من النفط مجانا والنصف الثاني بنصف السعر.. فضمن على الأقل أن تباع لنا مشتقاته بسعر السوق وليس بضعف سعره كما يجري الآن! والأردنيون ليسوا “بواقين” .

والآن تحديدا حين يعترف العالم، بما فيهم أمريكا وبريطانيا، بأن غزو العراق وحل جيشه وإعدام صدام جرائم بحق العراق أدت لسلسلة جرائم طالت كامل المنطقة..هل يقبل الأردنيون أن نفوق بوش وعصابته في فبركة التهم لصدام؟!

ما جرى لبنك البتراء وللعراق لا يمكن إلصاقه بالجلبي وحده لأنه مات.. والمعانيون (خيطان معاني) يعرفون هذا تماما، فهم من حاصرتهم حكومة علي أبو الراغب قبل اجتياح العراق “تحوطا” لكون الأردنيين والمعانيين بخاصة لن يبوقوا بمن باع لأجلهم القدر.. ودفعوا ستة شهداء في ذلك الحصار ما بين رجل أمن ومواطن معاني.

شيء واحد ثبت مسبقا من سيتسبب به، وهو أن تولد المحطة التلفزيونية المستقله ميتة على يد رئيس مجلس إدارتها. ولكن بما أن الولادة لم تتم، يمكن إنقاذ المحطة بتوظيف إعلاميين على قدر المهمة ليس منهم خيطان ..ولا أيمن الصفدي الذي دقت تصريحاته الصحفية عند توليه منصب نائب رئيس الوزراء، آخر مسمار في نعش حكومة سميرالرفاعي الثاني!

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى