عودة وليد الكردي وتنفيذ الأحكام الصادرة بحقة يعزز مصداقية مكافحة الفساد
الأستاذ الدكتور أنيس الخصاونة
عندما تسير إدارة شؤون الدولة بشكل صحيح ، ويتم استخدام أموال الخزينة العامة في الأبواب والمجالات السليمة ، وعندما يستشعر المواطنين أن الدولة تقاوم الفساد بالأفعال لا بالأقوال عندها فقط يمكن للحكومات أن تلجأ لجيوب رعاياها لتمويل العجز في الموازنة. حكومة الدكتور عمر الرزاز بالتأكيد ليست هي المسئولة عن الأوضاع التي آلت إليها المملكة ولكنها بالتأكيد مسئولة عن الإجراءات التي تتخذها لتصويب الأمور . الرئيس الرزاز على وشك أن يتخذ إجراءات قاسية على الأردنيين تتمثل بقانون الضريبة الجديد الذي سيجعل حياة الأردنيين في شطنا والصفاوي وغريسا والنعيمة وغرندل وزمال وغور المزرعة أكثر صعوبة ومشقة . وعد الرئيس مرارا وتكرارا بمكافحة الفساد وأصدر تصريحات نارية مفادها بأن الفاسدين مكانهم السجون، وهنا نتساءل عن مصير السيد وليد الكردي وفيما إذا كان مكانه السجن ؟نؤكد لرئيس الوزراء ولرئيس هيئة النزاهة ومكافحة الفساد أن الأردنيين لن يقتنعوا أو يثقوا بكلام أي مسئول يتحدث عن مكافحة الفساد ما دام أن وليد الكردي الذي صدر بحقه حكم من المحكمة وتمت إدانته لم يتم احتجازه أو توقيفه علما بأن الرجل يدخل الأردن ويخرج منه متى شاء دون أي مضايقات .وهنا نتساءل هل السيد الكردي مشمول بحديث وتصريحات رئيس الوزراء بأن الفاسدين مكانهم السجن أم أن السجن مقتصر على الموظفين “الغلابا” الذين ليس لهم قوة ونفوذ السيد وليد الكردي .
الأردنيون لم يعودوا مهتمين بتصريحات الحكومة بقدر ما هم معنيون بما تفعله الحكومة على الارض ،ولا نعلم هل السيد الكردي الذي دمر شركة الفوسفات ونهب مقدراتها التي تصل إلى مئات الملايين هو أقوى من الدولة أم أنه فوق القانون ،علما بأن المبالغ المتهم باختلاسها يمكن أن تغطي نصف عجز الموازنة العامة لعام 2019؟.وهنا لا بد من الإشارة إلى أن قضية السيد الكردي لا تخدم الحكومة ولا الدولة الأردنية لا بل فإنها تهز ثقة الناس بتصريحات رئيس الوزراء ورئيس هيئة النزاهة مكافحة الفساد وتضع مصداقية مؤسسات الدولة التنفيذية والقضائية محل سؤال واستفهام .
إن ما تناقلته الأنباء عن مطالبة الملك عبدالله لرئيسة الوزراء البريطانية تيرزا ماي وذلك في لقائه معها على هامش اجتماعات الأمم المتحدة برغبة الأردن بتسليم السلطات البريطانية للسيد وليد الكردي للأردن على خلفية تورطه في قضايا مالية جسيمة متعلقة بالفوسفات قد أثلج صدور الأردنيين. عودة الكردي تسدل الستار وتقفل الجدل حول الانتقائية في تطبيق القوانين وحول المساواة بين الأردنيين التي ينص عليها الدستور الأردني. إن عودة الظنين وليد الكردي ترسل رسائل إيجابية مهمة للمواطنين في زمال والباسلية والفيصلية وبيت إيدس ونتل وفقوع وراس منيف والدجنية.
على الحكومة الأردنية ممثلة بمجلس وزرائها وهيئة مكافحة الفساد أن تدرك أن إجراءاتها في زيادة الرسوم والدفع بقانون ظالم وقاسي لضريبة الدخل لا يجد قبولا من معظم شرائح المجتمع الأردني رغم بعض “التسحيج” الذي يبديه بعض الأفراد الذين أصبح لديهم تخمة مفرطة نتيجة إفادتهم من مناخ الفساد والإفساد الذي ترعرعوا فيه. الأردنيون يشعرون بان طاقاتهم استنفذت وإمكاناتهم نضبت وأنه لم يعد لديهم مالا او ادخارا يمكن أن يقدموه لتمويل موازنات حكومية لا تضمن لنا طريقا جيدة ولا تعليما جيدا ولا عناية صحية كافية . ونحن في هذا السياق نعتقد بأنه إذا ما نجحت دعوة الملك عبدالله للسلطات البريطانية لتسليم السيد وليد الكردي للأردن وتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة بحقه سيسهم بشكل واضح في تعزيز مصداقية هيئة النزاهة ومكافحة الفساد وغيرها من الجهود الرسمية الموجهة لمحاصرة دوائر الفساد والإفساد ، ويعزز ثقة المواطنين بمؤسساتنا القضائية والقانونية ……