عواء الذئب وذكاء ابناء البادية

#عواء_الذئب و #ذكاء #ابناء_البادية
موسى العدوان
بعيدا عن #أحداث #السياسة والاقتصاد وما يكتنفنهما من #فقر وضرائب و #جرائم #اجتماعية، أستأذن القراء الكرام، بالابتعاد عن هذا الصداع والعودة إلى #حياة_البادية، التي اتسمت بالشرف والرجولة والحفاظ على التقاليد العربية الأصيلة. تلك #التقاليد التي جرى الانقلاب عليها في هذا الزمان. ولعلّني بسرد القصة المتداولة التالية، أذكّر بالذكاء الفطري والتسامح بين أبناء البادية.
تقول القصة بأن رجلا من البادية، كان متزوجا بامرأة من غير قبيلته، وكانا يعيشان حياة هانئة تتسم بالوفاق والسعادة. اختلفت القبيلتان وحصل بينهما نزاع كان الزوج طرفا فيه، وكان إشقاء الزوجة في الجهة المقابلة يمثلون الخصم الآخر. اشتدت الأزمة بين طرفي النزاع مما حدا بإخوان الزوجة أن يأخذونها ليلا رغم أنها لم تكن راضية عن فراق زوجها، الذي كان بنفس حالها.
مرت فترة طويلة على فراق الزوجين والكل منهما يريد الآخر، ولكن النزاع الحاصل بين القبيلتين حال بينهما. فضاقت الأرض بالزوج الذي يريد العيش مع زوجته، ولكن لا سبيل لوصوله إليها. فكّر بطريقة لحل هذه المشكلة، فأرسل إليها إحدى عجائز القبيلة، تبلغها رغبته بلقائها حسب خطة أعدها لذلك اللقاء. وبالفعل ذهبت العجوز للزوجة وابلغتها بالرسالة، فقابلتها بالرضا والترحيب.
ولما كانت الليلة الموعودة، حيث كان الوعد بينهما بعد غياب القمر، لعدم توفر الساعات في ذلك الزمن، وعندما جاء الزوج للمكان المتفق عليه، اختبأ في مكان قريب لا يراه أحدا، ثم أخذ بالعواء كعواء الذئاب ثلاث مرات متتابعة. عرفت الزوجة أن هذا نداء لها من زوجها، حيث كانت تعلم بالخطة مسبقا. فتسللت إليه واجتمعا سويا، يشكو كل منهما للآخر حاله بعد الفراق، حتى إذا جاء الفجر افترقا وعاد كل منهما إلى سكنه.
مضى على هذا اللقاء بضعة أشهر . . وكتب الله أن تحمل المرأة من زوجها بعد ذلك اللقاء. ولما كبر بطنها ورآه شقيقها هددها بالقتل، أو تخبره من أين هذا الحمل، وقد فارقت زوجها منذ فترة طويلة ولم تكن حاملا ؟ فأخبرت شقيقها بحقيقة ما حصل بينها وبين زوجها بكل تفاصيله، ووصفت له مكان اللقاء. فقال شقيقها سأذهب لزوجك وأتأكد من حقيقة الأمر، فإن لم يكن صحيحا فما لكِ إلاّ الموت حفاظا على شرف القبيلة.
وحيث أن القبيلتان ما زالتا في خصام، فكيف يمكن للشقيق الذهاب والالتقاء بالزوج ؟ فكّر قليلا واهتدى إلى طريقة معينة تساعده في تنفيذ خطته. فلما أرخى الليل سدوله، تنكّر الرجل وذهب إلى قبيلة زوج شقيقته، ودخل المجلس ثم جلس دون أن يعرفه أحد. وعندما توقف الحديث في المجلس، تناول الربابة – آلة الطرب في ذلك الزمان – وأخذ يغني على انغامها قائلا :
يا ذيب يا اللي تالي الليل جريت * * ثلاث عويات على ساق وصلاب
سائلك بالله عقبـها ويـش سويـت * * يوم الثريـا راوسـت والقمر غاب
توقف الضيف بعد أن غنى هذه الأبيات، التي طرحت المشكلة بأسلوب لطيف، وأعاد الربابة إلى مكانها وعاد ليجلس في مكانه. فعرف المضيف أن هذا شقيق زوجته، الغيور على شرفها وشرف القبيلة. وبفراسة وذكاء أهل البادية الفطري، فهم أن زوجته حامل، فتناول الربابة ثم أجاب :
أنا اشهد إني عقب جوعي تعشيت * * واخذت شاة البيت من بين الاطناب
على النقا ولاّ الــردى ما تهـفـويـت * * ردّوا حلالـي يـا عريـقيـن الانساب
فلما فرغ الزوج من أبياته التي أجابت على تساؤلات شقيق زوجته، وعرف أن رواية شقيقته كانت صحيحة، فانسحب من المجلس دون أن ينبس ببنت شفة. وفي اليوم التالي وبعد معرفته الحقيقة، أعاد الرجل شقيقته إلى زوجها، ليعود وئام العائلة إلى سابق عهده.
التاريخ : 22 / 8 / 2022

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى