عنق الزجاجة : كيف وليس ماذا / وليد عبد الحي

عنق الزجاجة: كيف وليس ماذا

من بين أكثر المفاهيم التي راجت خلال حمى أزمة ” ضريبة الدخل في الأردن ، مفهوم : تغيير النهج لا الاشخاص، وتغيير النهج يعني :
1- تغيير حدود العلاقة في بنية الاقتصاد السياسي للدولة ، أي مدى القدرة على الفصل بين آليات الاقتصاد من ناحية وبين شبكة الروابط السياسية المعتادة على المستويين المحلي والخارجي اقليميا ودوليا، وهو امر يحتاج لتجاوز النخبة التي تتبنى الخيارات القديمة لصالح نخبة ترى ان لديها بدائل أكثر جدوى من البدائل المتبعة حاليا. وارى ان انجاز مثل هذا هو أمر دونه ” خرط القتاد”، فرسوخ التقاليد السياسية والتكلس الفكري وشبكة المصالح البائنة والدفينة لا تجعل الفكاك من اسر التاريخ هينا كما نظن، لا سيما ان الطرف الخارجي يشتمل على قوى فاعلة ومؤثرة في تشكيل بيئتنا السياسية والاقتصادية ، بل إنه يطل على أدق اسرار حياتنا من المهد الى اللحد.
2- سيبقى الدين العام وسلاسل صندوق النقد الدولي تحيط بعنق الاقتصاد الاردني، وهو ما يعني ان دفع فوائد الديون – ناهيك عن الدين ذاته الذي بلغ 96% من اجمالي الناتج المحلي – سيبقى سيف ديموقليس فوق الاعناق، ولو افترضنا ان الصندوق وافق على فترة سماح(Grace period) فلا أظنها ستتجاوز سنتين او 3 في افضل الاحوال ، وهو ما يعني سياسة تقشف لتحقيق القدرة على الوفاء بسداد الدين…وهو امر لا يقل صعوبة عن النقطة الاولى
3- إعادة النظر في خريطة النفقات والتي تنطوي على نطاح بين المؤسسات التي ستسعى كل منها للفوز بأكبر حصة ممكنة من موازنة الدولة ، وهنا لا أعتقد ان مؤسسات القوة الخشنة ستفاوض بنعومة حول هذه النقطة
4- عندما يصبح الفساد والمحسوبية والفهلوة ثقافة مجتمعية يصبح التحول عنها أمرا يحتاج أكثر من “أيوب”، وفي ظل اختناق اقتصادي تسود ثقافة ” أنجُ سعد فقد هلك سعيد”، وهو ما يعني الحاجة لرؤية تتعدى حدود وظيفة اسفنجة امتصاص الازمات
وعليه، أرى ان على الحكومة الجديدة أن:
أ‌- لا تعطي أي انطباع ولو تلميحا بأنها ستخرج البلاد من الأزمة قبل 5 سنوات على الأقل حتى لو توفرت لها كل الشروط.
ب‌- عليها ان تثبت بسياستها التقشفية انها ستبني استراتيجيتها على اساس ” عدالة توزيع العبء” في كل الجوانب، وهو امر لا يحتاج إلا لإرادة صلبة في مواجهة مراكز القوى في النسيج السلطوي القائم.ولدي شعور بصحة الفكرة التي يتبناها سياسيو شرق آسيا بأن ” الدولة تفعل حسنا إذا كان ” كل ” الأفراد غاضبين.
ت‌- أن تتخلى عن الطاقم الاعلامي الموجود ، فنحن بحاجة لأبي العتاهية أكثر من المتنبي الذي جعل من كافور مسكا في الصباح على امل ان ينال ما يريد منه ، ولكنه شهر العصا بوجه ” امام الآبقين” عندما عاد خاوي الوفاض.
ث‌- ان تجعل الحكومة الجديدة من توزيع العبء بعدا مركزيا في آليات الاستقرار السياسي، فتعلو العدالة على الحرية بمعناها الليبرالي وعلى المساواة بمعناها اليساري، تعلو عليهما ولا تلغيهما.
إن احد أزماتنا تتبدى في غلبة ماذا في منظومتنا المعرفية على كيف ؟ وتعودت ان انشغل بكيف ، ورغم تشاؤمي المعهود ، فسأكون أكثر الناس فرحا لو أثبت الرزاز ” خطلي”. فتمنياتي له بالتوفيق.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى