قبل اثني عشر عاما، وخلال فترة عنفوان الرئيس بشار #الأسد في حكم #سوريا، كتبت مقالا عن ممارساته الإجرامية بحق شعبه وتوقعت سقوطه. وعندما تحقق اليوم ما توقعته في ذلك الحين ، أحببت التذكير بذلك المقال وإعادة نشره، لعله يشكّل عبرة لمن يعتبر ، من حكام الاستبداد في هذا العالم.
التاريخ : 16 / 12 / 2024
* * *
عندما يستبيح #الزعيم دماء شعبه . . !
فريق ركن متقاعد #موسى_العدوان
” إن الجيش والقوات المسلحة والأمن يقومون بأعمال بطولية بكل ما تعني الكلمة ، إننا نخوض معركة إقليمية وعالمية فلابد من حسمها . إننا نتقدم إلى الأمام ، والوضع عمليا هو أفضل ، لكن لم يتم الحسم بعد ، إنه يستغرق وقتا “.
هذه العبارات الاستفزازية لم يقلها مونتغمري في حربه ضد النازية خلال الحرب العالمية الثانية ، ولم يقلها القائدان شوارتزكوف أو تومي فرانكس ، في حربي الخليج خلال العقدين الماضيين . بل قالها قبل أيام بطل الصمود والممانعة #هولاكو #سوريا الجديد .
وعند التمعن في تلك العبارات التي أطلقها سالف الذكر ، يتبادر إلى ذهن القارئ فورا سؤالان هامان : أولا ــ من هو العدو الذي تقوم قواته المسلحة بأعمال بطولية ضده ؟ ثانيا ــ متى سيحقق سيادته الحسم الذي يتمناه ؟
إنه لأمر غريب أن يتفاخر زعيم وبعنجهية ظاهرة بشن حرب على أبناء شعبه في مختلف أنحاء البلاد متهما إياهم تارة بالعصابات المسلحة وتارة أخرى بالمتمردين . ولكنه في الوقت نفسه ينكر عليهم ” ثورة طلاب الحرية ” التي تتعاطف معها معظم شعوب العالم . وإمعانا بنهجه التدميري يقوم بقصفه بالطائرات والصواريخ والدبابات ، ولا يتورع عن هدم بيوت العبادة ومنازل المواطنين فوق ساكنيها دون رحمة أو شفقة بمساندة حليفه الفارسي .
يبيح ذلك الزعيم لنفسه ، تلقى الدعم المالي والعسكري من جماعة الولي الفقيه في إيران ، ويسنده مقاتلون من حزب الله ، ويحظى بدعم سياسي من دول عظمى ، ويستقبل جسرا بحريا تنفذه السفن الروسية ، فتفرغ شحناتها من الأسلحة والذخائر في الموانئ السورية دعما لقواته ، وتشجيعا له بالاستمرار في سفك دماء شعبه . ولكنه من ناحية أخرى يعترض على أي دعم يُقدم للجيش الحر ولو بأسلحة خفيفة يدافعون بها عن أنفسهم ، ويوفرون الحماية للمواطنين العزّل ، الذين يواجهون حرب الإبادة بمختلف أنواع الأسلحة ، من الجو والأرض على مدار الساعة .
أين كانت ترسانة النظام ، التي صمتت طوال العقود الأربعة الماضية على جبهة الجولان ؟ ولكنها ظهرت تعمل بشراسة هذه الأيام على الجبهة الداخلية ؟ أين كانت الطائرات والدفاعات الجوية لجيش الرئيس ، عندما انتهكت الطائرات الإسرائيلية الأجواء السورية ، ودمرت موقع المفاعل النووي في عمق الأراضي السورية ، وتستر عليها النظام إلى أن كشفتها وسائل الإعلام الأجنبية .
من الواضح أن الزعيم الأوحد ، الذي فرضه ممثلو حزب البعث على الشعب السوري، بعد تعديل نصوص الدستور لصالحه خلال خمس دقائق ، قد أورثه الإجرام عن والده ، الذي سبقه في ارتكاب مذابح حماه في أوائل عقد الثمانينات الماضي . وها هو زعيم الممانعة يسير أيضا على خطى جده سليمان الأسد ، الذي طالب الفرنسيين في منتصف عقد الثلاثينات الماضي بعدم الجلاء عن سوريا ، من أجل حماية الطائفة العلوية من فتك طائفة السنة ، الذي عشش في مخيلته مع رفاق دربه . ولهذا فليس من المستغرب أن يستبيح هذا الحاكم دماء شعبه ، ويمعن فيه تقتيلا وتشريدا دون أن يرفّ له جفن .
الحقيقة التي يتجاهلها هولاكو الجديد ، هي أن الشعب السوري الحرّ ، قرر أن يطيح بالطاغية ، وأن ينتزع حريته من يدي هذا النظام الظالم ، بدماء شهدائه مهما قدم من تضحيات ومهما طال الزمن . إن الشعب السوري الثائر ، لا ينتظر من العالم سوى دعمه بالنزر اليسير من الذخائر وأسلحة مقاومة الدبابات والطائرات ، وهو قادر على مقارعة النظام وإسقاطه .
ولكي لا يتهمني عشاق آل الأسد ، بأنني أشجع على عمليات القتل أقول : بأنني أتمنى أن تقف آلة الحرب الأسدية الطاحنة في أقرب وقت ممكن ، حقنا لدماء السوريين الأبرياء . ولكن حسن النوايا والتمنيات الكلامية لوحدها ، لا تردع المجرم عن ممارساته التي يقترفها منذ ثمانية عشر شهرا ، وما زال مصرا على الاستمرار بها إلى ما لا نهاية .
المعجبون بممارسات الطاغية ، سينبرون لمحاولة غسله من خطاياه ، والدفاع عنه تحت ستار مقاومة المؤامرة الدولية، التي تحاك ضد سوريا من الخارج . ولكنهم يتعامون عما يجري من عمليات ذبح جماعية للشعب السوري بشكل يومي . وفوق ذلك كله ها هو يثني في تصريحاته الأخيرة على بطولات جيشه ، الذي يقتل الشعب ويدمر حضارة الوطن ومقوماته ، لكي يتربع سيادته زعيما فوق قبور الشهداء .
وإذا ما اعتبر بشار الأسد ، أنه يخوض حربا حقيقة ضد عدوه اللدود والممثَل بشعبه السوري ، فإنني أحيله إلى ما قاله الجنرال الألماني فون مولتكه في مجال الحرب ، والذي ينطبق في بعض جوانبه على حالة الشعب السوري الراهنة ، رغم اختلاف اللاعبين واختلال موازين القوى بين الطرفين ، حيث قال : ” إن كل حرب حتى تلك المكلّلة بأبهى حلل النصر هي كارثة للشعب ، لأن ربح الأرض والمال ، لا يعوضان عن حياة الرجال ، ولأنها لا تبدل المصيبة والبلوى للثكلى والمفجوع ” .
إن الإيمان بالله وتصميم الشعب على تحقيق أهدافه بالحرية والديمقراطية ، كفيل بإسقاط حكم الطغاة ، الذي خيّم على هذا القطر العربي الأصيل ، لما يزيد على أربعة عقود . وعلى كل حال، ها هي بشائر النصر بدأت تلوح في الأفق، على يد الجيش السوري الحرّ، الذي راح يضرب في عصب النظام ، وسيحقق النصر على حكم الحديد والنار ، الذي يراه الأسد بعيدا ويراه الشعب السوري المجاهد قريبا بإذن الله ، مصداقا لقوله تعالى في محكم كتابه : ” وإن ينصركم الله فلا غالب لكم . ” صدق الله العظيم .
التاريخ : 6 / 9 / 2012