عندما انقطع وتيني
قاسم الزعبي
ولأن الاعتقاد اليقيني بأن #الدولة كأم رؤوم قد هيمن علي في بداياتي. فقد تنامى هذا الاعتقاد ووصل بي الأمر أن أزاحم بعض أبناء الذوات أو أولي الحظوة من معارفهم وأنسبائهم.. وذلك بأن تقدمت لبعثة دراسية إلى إسبانيا سنة ٢٠٠٤..
كنت قد وجدت نفسي معلما للغة العربية بعد تخرجي من اليرموك.. فتنقلت بين جنوب الاردن ووسطها وشمالها. وذات يوم وأثناء عملي في منطقة وادي السير.. جاءنا #كتاب #رسمي إلى #المدرسة ممهور من قيادات الوزارة والمديرية يفيد بتوفر #بعثات #دراسية إلى #اسبانيا للحصول على ماجستير في #الشعر #الاندلسي..
في ذلك الحين كنت أحتفظ ببدلة رسمية بنيّة.. أُهديت لي من اصدقائي الذين تخرجوا معي. والذين جمعوا ثمنها بين بعضهم وأهدوني أياها.. ولأني لا أستهوي لبس البدل الرسمية لأن ربطة العنق تخنقني.. فقد كنت لا املك غير هذه البدلة الجميلة بجمال من أهدوني اياها..ذلك لأن لبس البدلات يقيد مشيتي. ولأن الجيبة دايما خاوية لاتسمح الا بشراء بناطيل الجينز والقمصان الدارجة (موضتها)…
استأذنت يومها من مديري الذي يرى نفسه ذوقان الهنداوي أو عبدالرؤوف الروابدة… وبعد (تمحين) منه و(تمتمات) خرجت من المدرسة متوجها إلى وزارة التربية حاملا معي كل اوراقي حتى (قواشين)الأرض.. ذلك لأنني لا اريد أن اترك لهم (حِجة) لعدم ابتعاثي..
وصلت وزارة التربية يومها بسهولة كبيرة.. ليس(شطارة) مني بل لأن وزارة التربية في العبدلي وكل الشعب يعرفها.
دخلت وبدأت بالسؤال عن المكتب المقصود.. سألت الحارس ثم المراسلين ثم بعض زوار الوزارة لأصل وأجد موظفا يشبهنا.. بملامحه. وكشرته..سلمت فرد السلام وعينه على ملفات أمامه… ثم بادرته متعجلا بأني معلم من ملاك وزارة التربية وحاصل على بكالوريوس لغة عربية وبأن هناك إعلان ابتعاث لاسبانيا… و الشروط تنطبق علي وقد اتيت الوزارة قبل انتهاء موعد التقديم.. وأذكر أنني تفاخرت يومها بحصولي على (icdl) أيضا … وبعد شرحي المستفيض عن شهادتي وخبرتي العملية نظر إلي بطرف عينه… نظرة حسبتها استعلاء منه او عطفا علي.. لا أدري ما تلكم النظرة ولم أستطع تحديدها إلا بعد أن قال لي(اللي انطبقت عليهم الشروط سافروا قبل اسبوعين).. لم أستوعب رده لأني ظننت انه يريد(زحلقتي) .. ولانني (دقر) بطبعي قلت له بأن موعد الاعلان لم ينتهِ بعد.. وأن الشروط تنطبق علي وعلى غيري أيضا… فعاجلني بإجابة مفادها أن الإعلان (طرْد عذر) ولا فائدة منه..
لا أنكر يومها انني شعرت بدوار شديد ورغبة في التقيؤ… رغبة ناتجة عن شعور بأن غيري سرق حلمي.. وأني مجرد نسمة تعدها دائرة الإحصاءات العامة.. وأن الأحلام لا تتشابه… وأن أردنية ابن عمان تختلف عن أردنية ابن اربد او المفرق والطفيلة وأن تيسير السبول وعرارا صدقوا عندما تنمردوا على الواقع المعاصر..
شكرت الموظف.. ولملمت أوراقي ووضعتها تحت (إبطي) وغادرت الوزارة… يومها اذكر أنني جلست تحت جسر الداخلية.. أشرب القهوة وادخن واراقب المارة..
انقطع وتيني الذي اعتاد على الايمان بوطنية المواطن وأردنية الاردني… ورغم فعلتهم التي فعلوها.. ورغم مهارتهم بسرقة الأحلام….. كرهتهم وأحببت الوطن..