على عتبات التحول دون رجعة

على عتبات التحول دون رجعة
إبراهيم عجوة

مع وباء كوفيد19، امتلأ الفضاء بكاذب المعلومات، ومضحك التنبؤات، ومعجز العلاجات ونظريات المؤامرات، بينما لم ينظر اليه احد بوصفه مسارعا مهما للتحولات رغم كونه جائحة.
غالبا ما تم تداول هذه المعلومات الخاطئة من قبل “المتخصصين” من ذوي الياقات البيضاء، وغيرهم الكثير من الشكاكين في كل شيء حتى العلم.
رافقهم في مسلسل التضليل ذاك، عديد ممن تاريخهم يحتشد بالتشكيك في كل شيء ما عدا بؤس يقينياتهم.

ظل المزورون عن وعي لمجريات الجائحة والأحداث هم اكثر الفئات السابقة خطورة. فالتوظيف السياسي والانحياز الايديولوجي ظل يتحكم بمخرجات الأخبار والتحليلات التي شاء هؤلاء تعميمها.

لم يظهر في الواقع استجابة واضحة أو موازية أو معادلة، تضع الخطر في سياقه الصحيح، وتعتبره احد مشاهد التحول الكلي نحو مجتمع الشبكة ومنجزات الثورة الصناعية الرابعة، وان هذا الخطر هو واحد من مظاهر الخلل الداعي لضرورة هذا التحول. السبب في هذا الغياب طبعا هو ان التحول في بداياته ولم تتبلور ادواته بعد.

فقوة السائد ظلت طاغية، والقوى المتضررة اشهرت كل ما لديها من ادوات التضليل، ولم تتورع عن استخدام اكثرها بشاعة واخطرها على مستقبل الإنسان.
وبلا أي وازع، انطلقت حملة تضليل، تجندت فيها منظمات دولية، ومراكز ابحاث، ومؤسسات الثنك تانك، وعلماء وخبراء ومحللين، واشباه من كل ذلك.

الحقيقة التي لا نريد الاعتراف بها، او انه تم تضليلنا كفاية، هي أن العالم بخير، والعالم وقف على أول عتبات التحول بكل ما تحتمله من خسائر وكل ما تعد به من بشائر.

فقط اولائك الذين لا يعجبهم التحول بدءا من استثمارات الطاقة، وليس انتهاءا باحتكارات الصناعة، واصحاب الاستثمارات المستنزفة للتنمية بضخامتها والمدمرة للبييئة بمخرجاتها هم من يحاول ارباك المشهد والوعي.

صناع القرار ورجال التحولات التاريخيين لا يرعبهم هذا الضجيج، لأنه ضجيج الهزيمة، وصوت الارتطام الناتج عن السقوط الحر لمن يريد تثبيت حركة الواقع على مقاساته.

الخسائر اكثر من المعلن، بشريا واقتصاديا. لكننا بخير، فالخسائر والأزمات هي مدخلات النهضة، وهي ميكانزمات تحطيم قوى الشد العكسي، الخسارات الكبرى من جيوبهم ومنتج عنادهم وجشعهم. أما الثبات والمراوحة فهما وصفة ومدخلات السقوط الحر بامتياز.

جزء من الخسائر يتم التستر عليه وانكاره، لأن قوى الإعاقة والشد العكسي بطبيعتها إنكارية، ولا تريد ان تصدق انها هي احد ابرز واخطر منتجي الخسائر.
وجزء من الخسائر يتم التستر عليه خوفا من دفع الفاتورة السياسية التي تترتب على تلك القيادات السياسية التي لم تكن حاسمة كفاية وظلت مترددة وخائفة من قوى الشد العكسي.

لقد هاجم الجميع كل شيء، وهذا يكفي للدلالة على التخبط وعلى عدم فاعلية كل شيء قائم، الا بقدر بقايا قوة الدفع الذاتي المختزنة.
هاجموا الطاقة المتجددة، منظمات الأمم المتحدة، جهود تسوية منحنى الوباء، شبكات 5G، الحكومات الفدرالية، الحكومات المحلية، الجمعيات الخيرية، مؤسسات الإعلام، المرجعيات الدينية.

السؤال الذي يواجه كل منا هو ما إذا كنا سنستمع إلى صوت الحياة

القائل، قاتلوا الخوف، شمروا عن سواعدكم، فالحياة في خدمتكم وقانون الحركة وجد للمستقبل، لا تغرقوا في اصوات سقوط الماضي ولا تتقاعسوا عن عمل مفيد.
عودوا منتجين محليين بتقنيات الغد، زراعة وصناعة وخدمات، صحة وتعليما ونقل. تكاملوا مع العالم.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى