على المقاس .. والنائب غازي الهواملة
د. حسين سالم السرحان
وسط مشهد متراكم من التناقضات يتبدى للمراقب للشأن الاردني الوطني حالة من التشابك في القضايا والأحوال حتى باتت الحيرة سيدة الموقف !!
وإذا كانت الأولويات الوطنية في اي دولة تتطلب استعداداً من نوع خاص ادارة شؤونها عبر سلطات حددها الدستور يتضح ان السلطة التنفيذية صاحبة الولاية العامة والتي تمتلك كل الخيوط ولها فعلياً كل الخطوط تعاني من احتباس في الأفق والفعالية في التأثير لان العارفين بالشأن الداخلي لم يجعلوا للحكومات وكل الحكومات ان تستقل بقراراتها ولا بكيفية ادارتها وممارسة صلاحياتها من خلال إنتداب عدداً من ممثليهم وزراعتهم في المداخل والمخارج والممرات للسلطة التنفيذية ولانهم يعرفوا كيف جاءوا وممن لهم الفضل عليهم فحتماً سيكون ولائهم الوظيفي للمراكز والأشخاص وليس للوطن وقضاياه ، وهذه الحالة المفتعلة دوماً بالإعلان عن الإصلاح وتجديد الدماء والعقول عبر التغييرات المربكة للإدارة العامة تأتي كفرص ممكنة للمزيد من الهيمنة على السلطة ومصادر القرار ولعل المصلحة الوطنية آخر سلم الاهتمامات ولا يحتاج ذلك لأي دليل !!
النقطة المفصلية أيضاً تتلخص في تكريس كل الجهود بانتقاء مناسبات او أعمال من شأنها الإطاحة بكل من له رأي ما حول ما يجري من خارج الصورة النمطية التي ابتلى الاردن فيها من الكثيرين ممن اتيحت لهم الفرص بالتعيين في المواقع العليا رؤوساء ووزراء واعيان وغيرهم اذ ابقوا على نمطية الخطاب والولاءات تتسيد المشهد !!
نموذج النائب غازي الهواملة وخطاباته غير المألوفة ولغته غير المستساغة لهؤلاء تجعله في مرمى النيران وتحت طائلة التخطيط للإيقاع به وبأي من أمثاله !!
ولو افترضنا جدلا ً ان النائب الهواملة تعامل كغيرة من النواب المتمرسين بمعرفة السائد حتماً لن يتعرض او يتم مطاردته بهذا الشكل ولبقيت كل المخالفات او الادعاءات بها طي الكتمان ، فالواضح ان فتح الملفات او تشكيلها من جديد يأتي بناء ً على موقف الشخص وليس ما تشكله الممارسات من خطورة على المصلحة الوطنية
كلمات النائب غازي المختصرة وصلت وصدقتها غالبية الناس رغم جور ونفوذ من أراد الإيقاع به !!
صحيح ان رأي الشعب الاردني غير مهم ولا يلتفت له الا ان الحقيقة الناصعة تتلخص في ان وعي الناس كبير ومعرفتهم أوسع من كل ما يخططون له او يمارسونه وان القادم من الأيام سيكون مختلفاً بالأحداث اذا بقي العقل الرسمي ضيق الأفق ويتسم باللامبالاة والتجاهل لارادة الشعب !!
حمى الله الاردن
