عقيدتنا هويتنا

عقيدتنا هويتنا
د. هاشم غرايبه

بقرار #الحكومة #الأردنية رفع كل التحفظات على بنود #اتفاقية#سيداو”، والتي وضعتها بداية لامتصاص النقمة الشعبية العارمة على توقيعها على تلك الاتفاقية السيئة الذكر عام 1992، ثم عادت خلسة مؤخرا لرفع هذا #التحفظات، بهذا القرار يكون الأردن قد انضم فعليا الى الطابور الطويل من أنظمة سايكس بيكو المنصاعة لإملاءات الغرب الهادفة الى نقض عرى الشريعة عروة إثر أخرى.
فرح “الجندريون” بذلك كثيرا، وكأنه ثمرة لـ (نضالاتهم!)، بينما يعلم الجميع أنه عائد لنجاح الضغوط الغربية على الأنظمة المعتادة على ذلك، مما يبين أن ما تعانيه شعوبها ليس لنقص في الموارد، بل هو إفقار ممنهج معزز بفساد مؤسسي منظم، لكي تقبل بالتخلي عن حصنها المنيع ومصدر عزتها التليد …الإسلام.
إن كانت الحكومة ملتزمة بالدستور الذي يكفل المساواة بين الذكر والأنثى كما تدعي، فالدستور ذاته يؤكد في المادة الثانية أن #دين الدولة #الإسلام، أي أن #الدولة ملتزمة بالشريعة الإسلامية، لذا فما يتعارض معها باطل من أساسه.
وفوق ذلك فتوقيع أية اتفاقية مع جهة خارجية ترتب على الأردنيين التزامات معينة بدون عرضها على مجلس النواب مخالفة دستورية صريحة، وسكوت النواب عن ذلك خيانة لواجبهم الأساسي في حماية الدستور.
قد يتذرع المدافعون عن ذلك الفعل الشائن، بالقول ان الدولة ماطلت طويلاً في الانصياع للاتفاقية المذكورة، ولم يعد بمستطاعها المماطلة أكثر من ذلك، فالضغوط متزايدة.
لكن السؤال الكاشف: هل الإملاءات الخارجية ملزمة للدولة أكثر من تشريعات الله؟.
ليس الأمر رفضا عدميا لثقافة الغرب، ولا هو مجرد تمرد نزق على املاءاته، لكن لنناقش الأمر بهدوء، لنفحص ما الذي سيخسره أو يكسبه مجتمعنا من هكذا اتفاقية، حيث ستصبح كل البنود الواردة فيها إلزامية ومقدمة على التشريعات المحلية.
1 – التحفظ الأول كان على الفقرة 4 من البند 15 وتنص على: “حصول المرأة على نفس حقوق الرجل فيما يتعلق بالقانون الخاص بالتحركات الشخصية، وكذلك حريتها في اختيار محل إقامتها ومكان سكنها”.
تنسجم هذه المادة مع القيم الغربية التي تبيح العلاقة الجنسية خارج رباط الزوجية، فتبيح المساكنة بين الرجل والمرأة بلا زواج، وسفر الفتاة من غير إعلام أهلها، وأما إن كانت المرأة متزوجة، فهنالك الطامة الكبرى، فما معنى أن تختار الزوجة مكاناً لإقامتها غير مكان الزوج؟!، وماذا يبقى من مظاهر الأسرة وتوادها وتراحمها بعد أن يعيش كل من الزوجين في مكان إقامة خاص، وكيف ستتم حضانة وتربية الأولاد الأبناء إن كان الوالدان يسكنان منفصلين؟ وستسافر المرأة بلا معرفة الزوج، وسيصبح بإمكانها أخذ الأولاد معها وإن كانت أجنبية يمكنها إعطائهم جنسيتها.
2 – الثاني على المادة 16 وتلغي قوامة الرجل في الأسرة، وهذا يعاكس فيزيولوجية البشر، فالأنثى وجدت لغير ما وجد له الرجل، وهذا الإختلاف تكاملي، والحقوق في الشريعة الإسلامية للذكر والأنثى متساوية لكن الواجبات عليهما غير متماثلة لتراعي الفارق، “وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبْنَ” [النساء:32]، فمقابل الحمل والولادة والإرضاع والتربية يتحمل الرجل المسؤولية عن إعالة العائلة وقيادة مؤسسة الأسرة، فالمركب لا تسير إن قادها ربانان، وهذه المسؤولية الحمائية والإدارية والمالية قد هُيّأ لها الرجل أصلا جسديا، ولذلك كانت القوامة واجبا ملقى عليه وليست تشريفا له.
3 – تعتبر الاتفاقية العلاقة المثلية شرعية، وتجيز أن تتكون الأسرة بناء عليها، مما يتنافى مع أسس الفطرة البشرية، فتتهدم المجتمعات، فلا يمكن انجاب أفراد جدد الا بالزواج بين ذكر وأنثى، لذا فقد انبنت جميع المجتمعات على أن الوحدة البنائية للمجتمع هي الأسرة وليس الأفراد.
4- هنالك تعارضات أخرى مع أحكام الشريعة التي جاءت كل منها لحكمة لا يتسع المجال لتفصيلها، مثل نسبة الأولاد لأمهاتهم، وإلغاء عدة المرأة، وإباحة الإجهاض.
لقد ساوت الشريعة الإسلامية بالإجمال بحكمة بين الجنسين في الحقوق والواجبات، والمساواة يفهمها “الجندريون” إلغاء للفوارق، لكنهم يجهلون ما تحققه الشريعة من عدالة، ففي أحيان كثيرة ميزت المرأة عن الرجل، فالجنة تحت أقدام الأمهات، وهي أولى من الأب بالبر، وفي حالة الطلاق هي التي تنال حضانة الأولاد مع إلزام الرجل بالإنفاق، وهذا تحقيق لكرامتها أكثر بكثير مما تقدمه قيم الغرب المنافقة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى