
عالعين موليّتين
يوسف غيشان
أنا وزوجتي من عشاق القطط، وتعيش معنا في البيت خمس قطط (واحدة منهن عمياء) تمنحنا المرح والفرج والبهجة والشغب. وأتابع أخبار القطط أكثر مما أتابع الأخبار المحلية والعربية والعالمية.
قرأت عن حادثة حصلت قبل دزينة من السنوات حيث تنفس أهل نيويورك الصعداء، بعد أن نجح رجال الإطفاء في إخراج القطة مولي من خلف الجدار الأثري الذي انحشرت خلفه منذ أسبوعين…. وضعت فيهما فرق الإنقاذ والشرطة ووسائل الإعلام في حالة تأهب. واستمر أربعون رجل إسعاف في محاولة إخراجها حتى نجحوا.
قد استخدم الشباب عشرات الأساليب، منها جلب هرتين صغيرتين على أمل أن يثير مواءهما غريزة الأمومة لدى مولي فتتغلب على هلعها وتخرج إلى مكان يمكن إنقاذها منه، لكن ذلك لم ينجح. فاضطرت اللجنة المكلفة بالحفاظ على المواقع الأثرية في المنطقة إلى السماح للمنقذين بفتح فجوات في الجدار الأثري القديم وإخراج» أم المول» …. وهذا ما حصل.
اعتقد أننا محشورون مثل القطة بين عصرين – وربما عدة عصور – وزمنين – ربما عدة أزمان-وقد نحتاج إلى فجوات واسعة – ربما أكبر من الجدار نفسه-في جدار التاريخ والمأزق الوجودي الذي وضعنا أنفسنا فيه بمحض أرادتنا وعن سبق إصرار وترصد.
نحتاج إلى رجال إنقاذ ينبشون عفن التاريخ، ليعيدونا إلى ارض الواقع حتى نتعامل معه بواقعية ونناضل من اجل تغييره لصالحنا، بدلا من التستر خلف جدار الزهو والعنجهية والأنوف المشمخرة والرقاب المشرئبة على الفراغ ونظرية (يومن كنا ما كانش حدا).
بالمناسبة، القطة مولي وكثير منا نتشارك-ربما-في أغنية شعبية تقول:
عالعين موليتين
عالعين موليا
طبعا انا بمزح لأخفف، عليكم وعلي، مشقة الانحشار بين جدارين وزمنين، انحشار قد يستمر حتى الأبد.