عسكر الدبور ودولة النحل .. عبادة الزبيدي

عسكر الدبور ودولة النحل
بعيدًا في الجبال النائية حيث الأجواء اللطيفة كانت دولة النحل تحتفل بعيد دبابيرها السنوي بمشاركة ملايين النحل الذي لم يكن يومًا سعيدًا بهذا العيد أو لنقل بأن النحل كان مُجبرًا على الاحتفال بعيدٍ لا يعنيه خوفًا من الدبابير.
النحل مواطنون صالحون همهم الوحيد هو تأمين لقمة العيش لملكتهم التي تعد رمزهم الوطني وحجر أساس الدولة وذلك بالعمل الدؤوب ليل نهار دون ملل أو تقاعس،وبعكس الدبابير التي لا تهتم إلا بإشباعِ رغباتها وملئ بطونها وعدائيتها تجاه الجميع حتى بعضهم البعض،ولأن الدبابير مهملون انهارت دولتهم ونشبت بينهم حروب طاحنة.
لم يعجب هذا الأمر دولة النحل التي لا تستطيع أن تبقى مكتوفة اليدين بينما يقتل الدبابير بعضهم البعض وعلى الرغم من عداء الدبابير للنحل قامت دولة النحل بإرسال بعثة دبلوماسية رفيعة المستوى للتوصل إلى اتفاق بين الدبابير في انهاء هذه الحروب والعودة إلى العيش في سلام وهذا ما نجحت البعثة في تحقيقه ولكن لم يكن هناك أصلاً دولة ليحيا فيها الدبابير فقد انهارت دولتهم بشكلٍ كامل.
عادت البعثة إلى ديارها حيث استُقبلوا بحفاوة من قبل المواطنين ثم عقدوا مؤتمرًا صحفيًا للتحدث عن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الدبابير والذي اقتضى أن تنهي الدبابير الإقتتال بينها مقابل مساعدات غذائية تقدمها لهم دولة النحل الصديقة.
وبعد فترة من الزمن أصبح العبئ على النحل العامل كبيرًا حيث تم اقتطاع كميات من حصصهم لتقدم إلى الدبابير مقابل أن يعم السلام في المنطقة الأمر الذي أدى إلى خروج مظاهرات شعبية نحلية تطالب بإيقاف المساعدات عن الدبابير الجشعة حفاظًا على اقتصاد الدولة الذي بدأ بالهبوط شيئًا فشيئًا ولكن الأمر لم يكن بهذه البساطة فمسؤولي النحل كانوا يعلمون بأن دولتهم لن تحتمل هجومًا واحدًا من الدبابير الغاضبة،وبضغطٍ شعبي كبير قرر النحل ايقاف المساعدات عن الدبابير بعد أن رفع حالة الطوارئ في البلاد إلى أقصى درجة خوفًا من هجومٍ وشيك للدبابير،ولكن الغريب في الأمر أن الدبابير واجهت القرار بهدوء تام وبدلًا من الهجوم أرسلت للنحل تطلب اللجوء السياسي نتيجةُ لانهيار البلاد ودخولها في حالة مجاعة كبيرة أتت على الأخضر واليابس فيها.

استقبل النحل طلب الدبابير بقلق ولكن اللوبي الذي كان دائمًا معجبًا بقوة الدبابير داخل أروقة مجلس حكم النحل حاول اقناع باقي البلاد بالقبول بالدبابير كلاجئين،وكنوعٍ من التعايش وقبول الآخر استقبل النحل الدبابير في دولتهم وتم تعيينهم بضغطٍ من اللوبي عسكرًا لحماية الدولة وذلك بعد أن أبدى الدبابير استعدادًا كامِلاً للتعاون مع النحل في حماية دولتهم من القوى المعادية.
اشتدّ عودُ الدبابير في دولة النحل وأصبح للدبابير أتباع وأصبح للدبابير مجالس وأصبح للدبابير نفوذ وحينها أدرك الجناح المعارض للدبابير أن الأمر قد انتهى قبل أن يبدأ،وفي ليلةٍ لا تُنسى قاد الدبابير انقلابًا عسكريًا بمساعدة اللوبي الموالي لهم في دولة النحل لينفردوا بالسلطة وعلى الرغم من قلة عدد الدبابير مقارنةً بالعدد الهائل للنحل لم يبدي النحل أي مقاومة ومنذ ذلك اليوم والنحل مُجبرٌ على الخضوع لأوامر الدبابير التي باتت تحكم وتتحكم دون رادعٍ أو مقاومة وانتهى الأمر بأن يُسجل التاريخ تلك الليلة عيدًا وطنيًا للدبابير رُغم أنف النحل.
وما زال النحل إلى يومنا هذا خاضِعٌ لسلطة الدبابير ولسخرية القدر انتهى الحال بإعدام اللوبي الذي ساعدَ الدبابير للوصول إلى سدة الحكم بتهمة الخيانة والتحريض على الانقلاب على الدبابير،وفي الجانب الآخر ما زال جناح المعارضة الذي فرَّ هارِبًا خارج البلاد يأمل أن يستعيد دولته ويتحسّر على ما كان متاحًا له حين كان بإمكانه أن يقف وقفةُ حازمة من قرار استقبال الدبابير.

ملاحظة : ان أي تشابه بين هذه القصة والواقع هو أمرٌ متعمد وليس محض مصادفة

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى