عريقات : التطبيع خروج عن الموقف الموحد

سواليف _ قال الدكتور صائب عريقات أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية لـ”القدس العربي”، إن اتصالات فلسطينية مكثفة تجرى حاليا داخل أروقة الأمم المتحدة، بالتعاون مع المجموعة العربية، لعقد اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، من أجل تشكيل ائتلاف دولي واسع مناهض لخطة الضم الإسرائيلية، ويقدر على اتخاذ قرارات ملزمة تمنع تجاوز القرارات الدولية، وتكون بعيدة عن بيانات ادانة واستنكار.

ويوضح عريقات، أحد أبرز المسؤولين الفلسطينيين الذين يجرون اتصالات مع المجتمع الدولي من أجل التصدي لمخطط الضم الإسرائيلي، أن الفترة الماضية شهدت اتصالات على أعلى مستوى، للضغط على حكومة الاحتلال، لثنيها عن تنفيذ المخطط الخطير، لافتا إلى أن آخرها كان الاتصال الذي جرى بين الرئيس محمود عباس، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وقبلها مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيسة سويسرا، وعدد آخر من زعماء دول العالم.

وقد أبدى هؤلاء جميعا -والحديث للدكتور عريقات- تأييدهم للموقف الفلسطيني، ورفضهم لما تخطط له حكومة الاحتلال والادارة الأمريكية، من أجل نهب وسلب مساحات كبيرة من أراضي الدولة الفلسطينية، والتي تعمل على تقطيع الضفة الغربية إلى “كنتونات”.

وأشاد المسؤول الفلسطيني، بتبني عدة برلمانات غربية وأخرى من أمريكا اللاتينية، لقرارات مناهضة لمخطط الضم، وتدعم التوجه الفلسطيني، في محاربة الاستيطان غير الشرعي، الذي تنفذه حكومة الاحتلال، مشيرا في هذا السياق إلى ما صدر عن برلمان بلجيكا وتشيلي مؤخرا.

وحاليا تتركز خطة التحرك السياسية الفلسطينية الآن على بناء “ائتلاف دولي” كبير ومؤثر، لوقف مخطط الضم الذي تنوي حكومة الاحتلال نهائيا، يكون قادر على اتخاذ قرارات مؤلمة للاحتلال

وفي أروقة الأمم المتحدة، يقول عريقات إن بعثة دولة فلسطين تتحرك حاليا، هي والمجموعة العربية، من أجل عقد اجتماع للجمعية العامة للأمم المتحدة، للإعلان من هناك عن “الائتلاف الدولي”، ويضيف: “نأمل أن يكون ذلك في أقرب وقت”.

وتريد القيادة الفلسطينية أن يكون هذا الاجتماع الدولي، قبل أن تبدأ إسرائيل بتنفيذ مخطط الضم، من أجل أن تكون قرارته رادعة لحكومة الاحتلال.

ويقول عريقات لـ”القدس العربي”: “الضم يعتبر مأساة ومساس خطير للقانون الدولي”، وقد عبر عن أمل القيادة الفلسطينية بأن تنتقل كل دول العالم، إلى الموقف الذي تبنته فرنسا وعدة دول مؤثرة أخرى، والتي أكدت لحكومة إسرائيل أن الضم يعني تعرضها لعقوبات.

ويضيف وهو يتحدث عن الاتصالات السياسية الفلسطينية التي تجري مع دول العالم للتصدي لخطة الضم: “نحن نؤكد عليهم أن يقولوا جملة واحدة، قالتها فرنسا وبرلمانات عدة دول، إذا أقدمتم على الضم (يقصد إسرائيل) ستكون هناك عقوبات”، معبرا عن أمله بأن تكون أيضا تلك العقوبات حقيقية، بعيدة عن “لغة بيانات الإدانة والشجب”، التي قال إنها لم توقف الاستيطان الذي بدأ في المناطق الفلسطينية منذ عام 1967.

حيث يقول عريقات إن مجمل تلك البيانات المنددة بالاستيطان، الذي يعتبر مخطط الضم أحد توابعه، لم يوقف حكومات إسرائيل المتعاقبة عن توسعة المستوطنات أو بناء مستوطنات جديدة، ويضيف: “المطلوب حاليا أن يتخذ العالم عقوبات قاطعة وملزمة للاحتلال”.

ويقول أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، إن هناك 192 دولة في العالم، من أصل 194، تعارض مخطط الضم، الذي تريده فقط إسرائيل ومعها الإدارة الأمريكية، ويضيف إلى أن الموقف الفلسطيني المعارض للمخطط الذي يدمر أي أمل للفلسطينيين بإقامة دولة كاملة السيادة، مسنود من جميع المنظمات الدولية، ومن العديد من الائتلافات الدولية كمنظمة المؤتمر الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد الأفريقي، ودول عدم الانحياز والاتحاد الأفريقي، الذي أكد عريقات أن جميع دوله تعارض الضم، ومن دول أمريكا اللاتينية والكاريبي، ومن دول عظمى كالصين وروسيا وبريطانيا وفرنسا ومن اليابان وغيرها من دول العالم.

وسألت “القدس العربي” عريقات، إن كانت هناك تحركات من دول مؤثرة كفرنسا وروسيا والصين، لعقد مؤتمر دولي للسلام، لحل القضية الفلسطينية على أساس قرارات الشرعية الدولية، ويكون بسقف زمني محدد، فقال إن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، هي من تفشل هذا المؤتمر، وكشف بأن تحركات جرت في هذا السياق، قابلها تعنت أمريكي، واشتراط بأن يعقد اجتماع وزاري للجنة الرباعية، لتبني خطة سلام، تعتمد بالأساس على “صفقة القرن” التي طرحها الرئيس ترامب في نهايات يناير الماضي.

ويوضح المسؤول الفلسطيني، أن باقي الدول رفضت الطرح الأمريكي، الذي يخدم مصالح إسرائيل فقط في المنطقة، ويعارض أسس عملية السلام، ويخالف القوانين الدولية.

وخلال حديثه شن عريقات هجوما على الإدارة الأمريكية، التي اصطنعت المشاكل في المنطقة، وأتت على حقوق الشعب الفلسطيني، وقال “إن أمريكا أصبحت جزءا من المشاكل وليست جزءا من الحل”.

وشدد على رفض القيادة الفلسطينية، بأن تكون الإدارة الأمريكية، راعيا وحيدا لعملية السلام في الشرق الأوسط، بعد أن أصبحت خصما كالاحتلال.

وأشار عريقات، إلى ما قامت به الإدارة الأمريكية من قبل، حين أوقفت الدعم المقدم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين “الأونروا”، من أجل شطب ملف اللاجئين، وما تلا ذلك من إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، وكذلك نقل سفارتها من تل أبيب للقدس، وما قامت به مؤخرا من طرح خطة “صفقة القرن”، التي استعان بها نتنياهو لتنفيذ مخطط الضم.

و”صفقة القرن” التي طرحها الرئيس الأمريكي يوم 28 من يناير الماضي، تمكن إسرائيل من السيطرة على المناطق التي تقام عليها المستوطنات، ومنطقة الأغوار الفلسطينية وشمال البحر الميت، علاوة عن منحها حق السيطرة الكاملة على مدينة القدس المحتلة.

وتماشيا مع تلك الخطة التي رفضها الفلسطينيون، أعلن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، أنه سيعلن عن بدء تنفيذ مخطط الضم، مطلع الشهر الجاري، لكنه أجل القرار، بعد ضغوط دولية، لكن لا تزال هناك معلومات تشير إلى إمكانية الإعلان عن الضم في وقت لاحق، خاصة وأن حكومة الاحتلال لم تعلن إلغاؤه، حيث تريد إسرائيل بموجب خطة الضم، السيطرة على 30% من مساحة الضفة الغربية.

إلى ذلك فقد سألت “القدس العربي”، الدكتور عريقات، عن عمليات التطبيع التي تجري بين دول عربية وإسرائيل، رغم الرفض والمطالبة الفلسطينية المتكررة بوقف هذه العمليات، قال إن الاجتماع الوزاري العربي الأخير أكد على ضرورة التمسك بمبادرة السلام العربية، كأساس لحل القضية الفلسطينية، حيث تنص المبادرة على أن لا يكون هناك أي عمليات تطبيع قبل انهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل المناطق العربية التي احتلت عام 67.

وبدبلوماسية طالب عريقات “الأشقاء العرب” بالالتزام بمبادرة السلام، كون أن التطبيع يعد “خروجا عن الموقف الموحد”.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى