عدوى الانسحاب من العمل العام أردنيا.. لماذا ؟
• العمل العام من منظور علم اجتماع السياسة ؛ مفهوم يشمل الاعمال الفكرية والاكاديمية والسياسية العامة؛ مع التركيز على ان الأخيرة في المجتمعات النامية “السياسية” كسلطة يُتقرب منها العموم وبدرجات عادة؛ هي التعبير الابلغ عن معاني وخطورة انسحاب اصحاب الخبرات الغنية من العمل العام في الدولة الاردنية؛ خصوصا بعد تقاعد جُلهم أو انتهاء اعمالهم الرسمية التي هي اكبر من حدود المصالح الشخصية لكل منهم ؛وان كان الارتقاء بمكانة وتأثيرات الافراد العامين لدى المواطنيين متلقي الخدمة الادارية والسياسية للوزارات احد اهدافها العامة .
• ربما في الاردن فقط ؛ نلاحظ كمتابعين اعلاميين وسياسيين وحتى الاقتصادين منا أن ابناء الدولة وجُل المسؤولين فيها من اصحاب الاسماء المُكرسة في الاعلام والمناسبات العامة هم من يتخلى عن الدفاع عن منجزات الدولة واجيالها امام المواطنيين العاميين حتى في المحافظات او المدن التي ولدوا فيها اصلا؛ ربما لانقطاعهم المباشر بعد توليهم مهامهم الرسمية عن اماكن سُكناهم خارج العاصمة الحبيبة من جهة ؛ ومن الجهة الاخرى انفصام عرى العلاقات القرابية الحياتية التاريخية بين هؤلاء المسؤولين واهاليهم واقربائهم اثناء توليهم لمسؤولياتهم في العمل العام الحكومي وحتى الحزبي رغم ضعف العمل الحزبي والتطوعي عموما ؛ما يضعف جماهيريتهم او حتى تدني درجة قبولهم ومنسوب تأثيرهم العام والمتبادل لدى الاهل وابناء مناطق سكناهم الاصلية ما يدفعهم لاحقا الى الانسحاب من العمل العام بعد فقدانهم للسلطات التي كانت ترافقهم اثناء نوليهم العمل العام.
• لابد من الاعتراف اننا كمواطنين ومؤسسات دولة بحاجة ماسة لخبرات الاشخاص العامين المتميزين حضورا ومعارف اكاديمية وخبرات متخصصة في حقول اعمالهم في المجتمع الاردني بكافة مؤسساتهم؛ مع ملاحظة التمايز في اداء او درجة رضى الشارع عن هذا المسؤول او ذاك وهذا طبيعي في كل المجتمعات وبالتالي علينا ان نخسر مثل تلك الخبرات النوعية من جهة ومن الجهة الاخرى على المسؤولين بكافة مستوياتهم وتخصصاتهم الحرص الواعي على دوام تفاعلهم المتبادل مع المواطنيين ومؤسسات المجتمع المدني من اندية شبابية وجمعيات تعاونية ونسائية بما يجعل رصيدهم التأثيري والاعتباري مقبولا لدى الجماهير وصناع القرار معا ؛ دون ان ننسى ضرورة الاجابة على الواقع الخلافي القائم في مجتمعنا الاردني وبصورة لافته للمتابعين وهو تحول كثير من المتقاعدين من العمل والوظائف العامة كصناع قرارات ذات المستوى مرتفع ؛سلطات ومكاسب واعلام الى مخالفين /او معارضين للحكومات اللاحقة اي تحديدا “نضال” ما بعد التقاعد كرد فعل جديد على عدوى انسحابية الموالين والمعارضين من العمل العام بعد انتهاء او انهاء خدمات كل منهم؛ وهذه مفارقة أخرى بحاجة الى دراسات في نفسية وممارسات المسؤولين في مجتمعنا الاردني عموما فهل نحن مهتمون..؟
*قسم علم الاجتماع – جامعة مؤتة