عدمية المعرفة وسيادة العدميين / د. كمال الزغول

عدمية المعرفة وسيادة العدميين

حتى يحصل سلام دائم بين اي طرفين في العالم وجب على الطرفين تبادل المعلومات والواجبات ، فالسلطة يجب أن تتبوأ مكان المواطن حتى تعرف وضعه وتعطيه حقوقه وتعرف واجباته والمواطن يجب أن يتبوأ مكان السلطة ويشارك في السياسة حتى يعرف ما هي حقوقه وواجباته، وفي المقابل يتوجب على الطرفين تبادل المعرفة حول واقع السلطة وواقع المواطن لتوسعة مصادر الحوار المفيد للطرفين والذي سيؤدي الى لحمة الجبهة الداخلية بقواعد سليمة ، ما يجري اليوم هو عدم تبادل المعلومة حتى بين المستويات النخبوية فما بالك بين النخب والمواطن .
إن فجوة تسلسل المعلومة من بيئتها حتى سلطتها خلقت دولا وهمية مسجلة في الأمم المتحدة كعلامة لحدودها الجغرافية فقط وليست كعلامة لأنظمة سياسية تعترف بواقعها وتدافع عن مواطنيها،فالإقتصاد يضعف عندما يُتلاعب بسنداته بطريقة مزاجية وعشوائية خاصة اذا كان هناك استئجارا لإقتصاديين يتناوبون على حصد المال وتُبنى أهدافهم المعرفية على تحقيق احلامهم الشخصية لأنهم أتوا من العدم فكيف سيقومون بتقوية الأصل، المعرفة العدمية لدى بعض السلطويين عن روح الفريق داخل جغرافيا معينة يجعلهم يبنون انظمة سياسية وهمية بدون الاكتراث بالجغرافيا وتلوثها البيئي الضار الناتج عن عدميتهم المعرفية .
إن التبادل المعرفي يخلق نظام رزين وقوي، فمثلا عندما بدأت فكرة الانترنت بدأت بكيبل الإنترا نت الداخلي بين القوات الامريكية في العالم حيث كانت التلغرامات والرسائل تصل لكل وحدة عسكرية فيعرف القائد والجندي من أقصى الارض الى أدناها واجباته وما هو قادم بسبب التواصل المستمر بين تلك القوات، اليوم وبعد أن تحولت تلك الوسائل لتصبح انترنت عالمي اصبحت المعلومة تائهه وغير منظمة ومسروقة ، حتى أن بعض الأنظمة في العالم الثالث استخدمت هذه الوسائل لتضليل المواطنين وخلقت لهم قوانين الكترونية تجرمهم .
لقد تم تشويش الخط الواصل بين الواقع الكلي للدولة الواحدة وتفاصيلها المحورية وجذورها من خلال خرق وسيلة اعلامية بأخرى من أجل التشويش على الفرد في المجتمعات، فمثلا اصبحت المحطات الفضائية تُزود الافراد من دولة أخرى بمعلومات تشويشية عن دولتهم ، وفي داخل الدولة الواحدة نجد أن السلطة تعطي مميعات قنواتية لتخفيف الم حقيقة النخب النفسية، وأيضا اصبح هنالك محطات شعبية تصفق للعدم، ومحطات شعبية تنقل آلام المواطنين لكن لا حياة لمن تنادي، لأن هنالك انقطاع في تبادل الثقة في نقل المعلومة من الاسفل الى الاعلى وبالعكس.
كل هذا التشويش والتجاهل والعدمية المعرفية من قبل النخب عن مرؤوسيهم ودوائرهم ومؤسساتهم جعل منهم جهلة متقوقعين على انفسهم ،ومهد الى ثورات سببها الإنقطاع الدائم عن المعلومة الحقيقية، وتبلور في كل دولة وهمية ربيع ثائر بسبب الهروب الدائم من ايجاد حل للواقع المشترك الذي اساسه هو الحوار لتحقيق النهضة المشتركة واسقاط نهضة العدميين.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى