عدالة ….
مما رأيت …
سيدة بسيطة مسكينة …في بداية العقد الرابع من عمرها … اسمها ام محمد … لا اعرف تفاصيل اخرى عنها الا انها تعيل ايتاما … وتعمل معنا في نفس الشركة …
بهمة ونشاط كانت تعمل … تكنس تمسح تنظف وقد عقدت حجابها وارتدت البالطو المخصص لموظفي التنظيف ..لا تكل ولا تمل ولا تتكلم ..
كنت كلما مررت بجوارها القي عليها التحية واطري على نشاطها واخلاصها وتعبها في عملها محاولا دائما رفع معنوياتها وتشجيعها والتخفيف من معاناتها ..
ومتندرا على ما نرى ونسمع في الشركة
الذي نعمل بها من حفلات باذخة واحتفالات مترفه.
كانت تقول دائما ..بيعين الله …
في الجهة الاخرى وفي مطعم الموظفين …
طفلة في الثامنة عشرة او تزيد قليلا ..
كانت تتردد الى مكتبى احيانا تطلب سجادة الصلاة ..قائلة ..ممكن عمو اوخذ السجادة دقيقتين …
وكنت دائما اناولها السجادة ..
دون ان اتتبه حتى الى تقاسيم وجهها ..
كانت تعمل في تنظيف الصحون والاواني بعد الوجبات
من السادسة صباحا وحتى الخامسة مساء ..
تعمل بصمت …وبجد …
سألتها ذات يوم ..تبدو عليك امارات الذكاء ..
.لما لم تكملي دراستك ..
بدلا من هذا العناء …
معتقدا انها لربما تكون امية .
.او لم تنل نصيبا وافيا من التعليم …فقالت …
الظروف عمو ….
الظروف …
بس انا …اعمل هنا مشان اوفر مصاري وادخل الجامعة ..
انا خلصت توجيهي ومعدلي كثير كويس…بس …
بس …شو …
امي لا تستطيع تدريسي …
ف مذ مات والدي وامي تتكفل بي وبإخوتي ..
الحياة صعبة …!!!!
فاقترحت علي ان اعمل سنة او سنتين
ثم ادرس بالمبلغ الذي اوفره من الوظيفة …
واحضرتني معها وتوظفت هنا …عاملة مجلى …
فانتبهت انها ربما… لا … بل …
سالتها من هي امك …
فقالت … دون تردد ..لم تخجل من عمل امها …
لم تحاول التهرب …
قالت انا بنت ام محمد ..فقلت اهي ..؟ التي ..؟؟
قالت نعم ..اللي بتنظف فوق …
……
يا الله كم احترمت هذه الطفلة وكم صعقني ما قالته …
يا الله رحمتك …
ارملة ويتيمة …هذه تنظف الارضيات والحمامات
والاخرى تغسل وتنظف الاطباق بعد ان يفرغ القوم من طعامهم …
اي ظلم هذا واي نصب بل اي بلاء …
احدى عشرة ساعة من العمل المضني …
…….
اخفيت دموعي …وقلت لها …الله يوفقك وان شاء الله تدرسي باحسن جامعة …
واثتيت عليها وعلى اصرارها وطموحها …
وامتدحت عمل والدتها بما حضر لي من عبارات …..
الحق اقول لكم
وانا رجل مرهف الحس .. او هكذا يخيل الي ..
…….
كم تمنيت لو كنت ذا مال …
…كم تمنيت لو كنت ذا قرار …
……..لماذا ….؟؟؟
ثمة الكثير من الحالات المشابهة …
والكثير من البشر الذين طحنتهم رحى الحياة
وهم يصارعون امواجها المتلاطمة..بصمت ورضا ..
دون ان يلتفت اليهم احد ….
حنانيكم ساداتنا وولاة امورنا واغنياءنا
نعتذر ان كنا قد خبثنا اسماعكم او ازعجنا ترفكم ….
….
انما اردنا الاشارة الى مواطن الخير ..
واسباب الفلاح …
دونكم….اعينوا من عبثت العواصف بسفائنهم
واغرقت احلامهم ..