
#عبقرية_اللغة: مُعجَميًون ومّجمعيون!
بقلم: د. #ذوقان_عبيدات
في محاضرة بعنوان: فيزيائي يتحدث عن اللغة، تحدث المفكر همام غصيب في الجمعية الفلسفية عن عبقرية اللغة، سواء أكانت لفظية أم مكتوبة، فصيحة، أم فصحى، أم عامية، ناطقة أم صامتة، بالكلمات أم بالرسم، والنحت، والتصوير. محاضرة
تسحب نحو فكر أردني – لم أشهده من قبل، ولم أشاهد ما اقترب منه في الإعلام الأردني
الذي يعج بالمنافقين وأرباع الخبراء – ويسرني أن أنقل بعض روائع همام غصيب، وما أثارته من نقاشات..
(١)
في مفهوم اللغة
اللغة العربية حسب القانون هي لغة متقنة كتابة، أو تدوينًا ونطقًا، خالية من الأخطاء. فهي ليست نحوًا وصرفًا، وليست مجرد تواصل بين الناس، بل هي “مِنْ” أدوات التواصل مع الكون، ومع الذات إلى جانب أدوات التواصل الأخرى، كالرسم، والنحت، والرياضيات، والرموز ، والأشكال، والموسيقى، والخوارزميات، والعمارة. فاللغة أداة واحدة من أدوات التواصل! هناك لغة الجسد، ولغة العيون، ولغة الإشارة وغيرها.
واللغة العربية، وليس التاريخ والجغرافيا هي سبب كوننا عربًا.
واللغة العربية هي لغة القرآن، الذي صانها، وحافظ على قواعدها.
(٢)
الكلام: الصمت والسكوت!
يميز المُعجميون والمَجمعيون بين الصمت والسكوت؛ فالسكوت هو امتناع قسري عن الكلام؛ بسبب الخوف، أو الوقوع في الخطأ. أما الصمت، فهو توقف إرادي عن الكلام نتيجة حكمة، ووعي، وتأمل. الصمت تأمل ، والسكوت خوف وتململ.
ولذلك القول السليم هو:
إذا كان الكلام من فضة، فالصمت وليس السكوت من ذهب!
تخاذل الأمة العربية عن نجدة غزة هو سكوت، وليس صمتًا.
وسلوك نبيّنا محمد في غار حراء هو صمت، وليس سكوتًا.
ولغة الصمت أقوى من لغة الكلام.
فالحزم صامت، والعدل صامت، والجمال صامت، والخير صامت!!
ألم يقل ابراهيم طوقان:
خُلِق الحزم أبكما؟
كفى ما قاله شوقي:
وتعطلت لغة الكلام وخاطبت
عينيّ في لغة الهوى عيناك!!
(٣)
حكمة الصمت!
كنا نسمع نكتة تقول: طالب يدرس وهو يستمع إلى جهاز تسجيل من دون صوت! فلما قيل له:
لماذا؟ قال: وضعت أسطوانة فارغة لأني أحب الهدوء!!!
بعد سماعي محاضرة همام غصيب، قلت هذه ليست نكتة، بل عبقرية!!
لماذا قلت هذا؟ لأن همام غصيب تحدث عن موسيقار أمريكي”جون كينج” الذي وضع سنة ١٩٥٢ مقطوعة موسيقية صامتة مدة٤،٣٣ دقيقة، من دون أي صوت. يظهر فيها الموسيقار والعازفون من دون حراك أمام آلاتهم، حيث عُدّت هذه”المعزوفة ” أعظم الأعمال الموسيقية في القرن العشرين .
إنها لغة الصمت!!
(٤)
اللغة الفصيحة واللغة الفصحى!
اللغة الفصيحة هي اللغة المتقنة. والتي يتحدث بها الأدباء، والنحويون. فهي بخلاف العامية، تعتمد الفصيحة القواعد اللغوية.
أما اللغة الفصحى، فهي أكمل اللغات، هي لغة القرآن الكريم.
لقد نأى المحاضر بنفسه عن مناقشة: هل العربية هي لغة القرآن، أم أن القرآن الكريم كُتِب باللغة العربية؟ وهل القرآن من حفِظ اللغة، أم أن عظمة اللغة العربية هي من وسِعَت القرآن وأعطته مختلف التلاوات؟
(٥)
المُعجَميّون والمُجمَعيّون
المُعْجَميّون هم أهل الضبط والربط، وبيان الأصل والمصدر. والمَجمَعيّون هم أهل التطوير، ورعاية اللغة، وتحديثها.
هم من يناقشون قضايا التعريب، والنحت، والتكييف؟ والاشتقاق، والترجمة.
المُعجميّون محافظون، والمَجمعيّون مجدّدون!!
حاولت نقل بعض روائع همام غصيب، الذي لم أشاهده إلا في مجمع اللغة العربية!
فهمت عليّ؟!!