عبدالحميد محمد کتکت .. حمل الوطن عشرة أعوام ولم يحمله الوطن يوما واحدا!

سواليف
كتب .. شبلي العجارمة
لم تشفع له شهادة خلو الأمراض في بلدية عين الباشا حين دخلها قبل عشرة أعوام بوظيفة عاملِ وطن، أرهق رٸته اليمنی غبار الشوارع وتراب الحارات وصقيع الأزقة القاسية، تواضع في أمکنة تتعالی الناس کِبراً عن مخلفات بيوتهم ، کان رساماً حقيقياً ولکن ريشته أثقل من ريشة جوتة وألوانه أصدق من ألوان بيکاسو، هي ذات الرٸة نفسها التي کانت تلهث وهي تشرب وعورة الطريق وعتبات البيوت، لم يرهق خزينة الدولة بالعلاوات والحوافز والسيارة ذات النمرة البطيخية ، لم يکن شريکاً في لعنة الخصصة ، ولم يکن أحد إخوة يوسف الذين ظلموا الذٸب وجاءوا علی قميصه بدمٍ کذب.
ما ذنب فرح وعمران نعنعتان صغيرتان نبتتا من عرق تقاطر من جبين أبيهما وهو يفتش عن لقمة الحلال لهما، کان يخرج أبو عمران في الصباح السرمدي ويعود وهو يحمل الفرح لفرح وعمران في کيس أسود وفي جيبتيه حنين العاٸد ورهبانية العابد ، لکنه عاد لهم ذات يوم وهو يحمل رٸةؑ واحدة وجهاز لتوليد أکسجين لن يفارقه حتی الرمق الأخير، قانون مسلخ الضمان الجاٸر فولاذ لا ينصهر ولا يلين، فلم تشفع سني خدمته العشر لکل هذا البٶس ، فالقاتون حين يتوجس الفقراء کفيف لا يری وأصم لا يسمع وکسيح لا يمشي ، لکنه حين يشتم راٸحة برجوازي تدب فيه نخوة الفساد ويصبح هلاماً يتشکل علی هيٸة مصلحة الإقطاعي، بمعادلةٍ رياضية تشبه مقصلة الإعدام البطيء خرج العم أبو عمران ب ١٦٠ دينار يتم خصم ٦٠ دينار قسط لقرض قديم وأجرة البيت ١٤٠ دينار واستهلاك جهاز توليد الأکسجين ٣٠ دينار شهرياً للکهرباء بمعدل ثابت فبدون علماء للحساب نتيجة المعادلة سالب ٧٠ دينار تحت الصفر والخبز والتدفٸة والطعام وحليب فرح وعمران لم يدخل علی المعادلة.
أنا لا أعرف أبا عمران بتاتاً، فقد التقطته استغاثته علی شبکة التواصل الاجتماعي بعد أن اعتصرت دمعي وقلبي ألماً وتواصلت معه لأستميحه الإذن بالنشر لما تبقی من رحمةٍ في القلوب أو لما تحتمه الضماٸر التي لا زالت برغم قسوة الزمن تنبض بالخير والعطاء.
هذه معادلة الوطنية قيمة عطاء المواطن الصالح مطلقة أبدية والربح تحت الصفر ، ومعادلة الأخذ والنهب والاختلاس والفساد لأصحاب الألقاب الطويلة والمسميات المذهبة لا تستوعبها شاشات الحاسبات بينما العطاء أيضاً تحت الصفرين.
هم کثر من حمل الوطن بإنسانه علی شاکلة أبي عمران ولم يحمله الوطن بعد انتهاء جزء من مدة صلاحيته ولو ليوم ، في عبدون ودير غبار وعمان المتجددة مأوی لمن لا مأوی له ، وفي زوايا صقيع الوطن سجلات للنسيان وتوابيت للموتی !.

للمهتمين ٠٧٨٨٣٤٥٨٣٩
عبدالحميد کتکت.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى