عبادة العجل

عبادة العجل
د. هاشم غرايبه
تماما، كما أخبرنا نبينا صلى الله عليه وسلم أصابنا، فقد اتّبعنا سنن من كان قبلنا، شبرا بشبر وذراعا بذراع، فمثلما فعل بنو #إسرائيل فور أن أنجاهم الله من #فرعون، وبدلا من أن يعبدوه مخلصين شكرا وعرفانا، اتخذوا #العجل إلها.
وكذلك نحن فعلنا، فقد نسينا ما أنعم الله به علينا، حينما أخرجنا من ظلام #الجاهلية الى #الهدى، ومن رمال الجزيرة القاحلة فوطأنا أرضا لم نطأها من قبل، وأورثنا جنات وعيون، تركنا هديهُ واتبعنا عجل الغرب، أدهشنا بريقه الزائف وأرعبنا خواره الباغي، وزين لنا سامريو هذا الزمان (العلمانيون) ذلك على أنه طريق الفلاح وسبيل التقدم، وأن شريعتنا هي الظلامية والتخلف.
منذ قرن أضلّنا هذا السامري، فتركنا عبادة الواحد الأحد، الى عبادة أصنامنا البشرية، وتركنا دين #التوحيد واتبعنا دين القومية، فذهبت ريحنا وسقطت مهابة أمتنا من عيون أعدائنا، لذا
لما تركنا #الإسلام وراء ظهورنا، عدنا إلى ما كنا عليه قبله، من تبعية للروم والفرس.
منذ قرن ونحن نحث الخطى الى الوراء، وكلما أوغلنا، طمأننا السامري أننا على الدرب الصحيح سائرون.
ها قد وصلنا أبعد نقطة ممكنة عما نبتغيه في التقدم، وازداد البون بيننا وبين ركب من سبقونا بعد إذ كنا نحن السباقين.
السنوات العشر الأخيرة كانت الأقسى والأشد وطأة، هي لم تكن كذلك عن فاقة ولا بسبب القحط، فقد أكرم الله هذه الأمة بان حباها بكل العناصر التي تكفيها الحاجة الى الغير، سواء بخيرات الطبيعة الأخصب والمناخ الأمثل فوق الأرض، أو وفرة الموارد الطبيعية في جوفها، وعلاوة على ذلك بالموقع المركزي بين كل الأمم جغرافيا، وفكريا جعلها أمة وسطا، كل ذلك بهدف تمكينها من إيصال رسالة الهدى الى كل البشر.
كانت الفترة الأخيرة هي الأسوأ بسبب الأصنام البشرية التي نحن لها عاكفون، والتي دانت جميعها بدين السامري، ولأن من اعتز بغير الله ذل، فقد أورثتنا الذل والصغار وقلة المهابة في عيون الأعداء، فاجتمع علينا كل الطامعين من جميع الأصقاع، وأعملوا فينا تقتيلا وتشريدا ونهباً.
لكن مصيبتنا تضاعفت بمن أنجبتهم هذه الآلهة الزائفة من فراخ جوعى للثروة والنفوذ، وتحلم بألوهية أكثر من آبائهم، وبمنافسة قارون في جمع الكنوز، لكنهم كانوا مثل آبائهم من السفاهة بحيث بددوا الثروات على ملذاتهم ومجونهم، بدلا من ان يستخدموها في الإعداد وفي رباط الخيل، وخوفا على كراسيهم النخرة وأموال السحت التي جمعوها، جعلوا من أنفسهم أتباعا مخلصين لأعداء الأمة التاريخيين فباعوا رقابنا لهم نظير حمايتهم من السقوط.
ما زال هؤلاء يواصلون إيهامنا بأنهم يبتغون عزة الأمة وتقدمها، لكنهم في حقيقة الأمر لا يعملون إلا لضمان توريث الحكم لأبنائهم، ولا يهتمون إلا باستتباب المناخ الآمن لضمان تدفق الأموال لخزائنهم التي لا تشبع، وكلما تولى أمرنا جيل منهم ترحمنا على أيام من تولانا قبلهم على فظاعة عهدهم، وذلك من سوء أفعالهم وسفاهة أعمالهم.
ترى وبعد مرور قرن كامل، وحالنا من سيء الى أسوأ، هل ما زال بيننا من ينتظر الفلاح على أيدي هؤلاء، ويصدق إدعاءاتهم بالسعي الى الإصلاح؟.
ألم يحن الوقت لكي نقول للسامري الدجال كفى تضليلا، فقد جربنا علمانيتكم المزعومة قرنا كاملا، لكنها ما زادتنا إلا تباراً.
ولو أننا اخترنا منهج الله لولانا الصالح المخلص، ولما ضاعت الثروات الوطنية العريضة في الفساد، ولما بدد السفهاء مقدرات الأمة في حروب حلف الشيطان (تحالف الحرب على الإرهاب)، ولما قتلوا وشردوا الشعوب الإسلامية بذريعة تنقيتها من الإرهاب الموهوم
يجب أن لا نصدق ادعاءاتهم بأنهم يريدون بالإسلام خيراً بمحاربتهم الإسلام السياسي.
فالإسلام ليس بضاعة تنتقي منها ما يحلو لك وترفض ما لا يعجبك، بل منهاج كلي متكامل الأركان لا يجوز تطبيقه انتقائيا ” أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ” [البقرة:85]، ولذلك لن يطبقه نظام علماني، بل إسلامي وقيادته مؤمنة!…
ها قد رأينا بعض أقطار المسلمين مثل تركيا حينما تخلصت من هيمنة السامري، كيف نهضت وارتقت، وعلى الطريق تسير أفغانستان إن شاء الله، فيما مازال الباب دون ذلك موصدا في أقطار العربان.
يكفينا ترددا.
فالولوج الى التقدم والفلاح مرهون بترك أباطيل #السامري والإلتزام بعقيدة الأمة.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى