عاهد وهادنة أملنا في التعليم العالي / معاذ مهيدات

عاهد وهادنة أملنا في التعليم العالي

أكتب مقالي هذا بعد زيارة قصيرة لوزارة التعليم العالي الأردنية يوم أمس، شاهدت فيها وجهين مختلفين لصورة الموظف العام، الذي وجد لخدمة الشعب، وتنازل عن جهده الذي لو بذله لمصلحة خاصة به، لكان دخله خمسة أضعاف دخل الدولة، ولكنه اختار الخدمة العامة والعمل الحكومي، لذا يتوجب عليه القيام بواجبه بمنتهى الأمانة والإخلاص، إرضاءا لربه أولا ولضميره ثانيا.
سأبدأ بالوجه الذي آلمني ، موظفة مغرورة، بصبغة شعر شقراء، ترتشف النسكافيه مع صديقها في المكتب العام، وعند دخول المواطن للاستفسار عن معاملة، تتأفف وتنفخ تيارا هوائيا باردا يلفح وجهك، إبداءا للإنزعاج، كون هذا المواطن قطع جلسة هادئة مع شخص صديق، وقد يكون ليس بموظف ويعطل سير العمل العام، ويتدخل بين الفينة والأخرى في الحوار بين المواطن ورئيسة القسم، مدافعا عن وجهات نظرها، أتظنين أنكي فالتة من الرقابة والمحاسبة، ليس من قبل مرؤوسيكي، لا والله، بل من قبل الشعب المكلوم، فلساننا أصبح طويل على المقصرين، وأصبحنا نضغط من أسفل، كما أراد جلالة الملك، فحالكي لايختلف كثيرا عن حال موظفينا في السفارة الأردنية في تونس، الذين لايردون على هواتف السفارة، ولا حتى على إيميلات مواطن يستفسر عن معاملة، وكأن الذي يرسل مخلوق قبيح ، كريه الرائحة، وليس من مستوى ذلك القنصل المتربع على كرسي سفارته، مستمتعا بجمال تونس الخضراء ، وكأنه في نزهة، لكن لاوالله سنفضحكم جميعا، وسنخبر جلالة الملك، وسنحاسبكم نحن الشعب، وأصحاب اللسان الفصيح، الذي أصبح طويلا ولكن بحق وبأدب.

وأستغرب ماسبب وضع جهاز هاتف ثابت لبعض الموظفين في الوزارات، كمثل تلك الموظفة، إن لم تكن سترد على هذا الهاتف، الذي يبدأ رقمه ب ( 12) للإجابة على هواتف المواطنين، حيث أرن على هاتف مكتبها منذ شهر، ولم تكلف نفسها برفع سماعة الهاتف، حيث أن علكة اللبان تعوقها عن الكلام، فتفضل الجلوس رجلا على رجل، في حضرة ضيوفها المبجلين من الأصدقاء، وإن قلت لها أتيتكي من العقبة أو أقصى الشمال ، تحرف فمها، وكأن العصب السابع أصابها، وللأمانة فإن مساعدتها في المكتب المجاور، واسمها غيداء، تختلف عنها بمقدار المسافة بين السماء والأرض، فغيداء ترد على كل مكالمة ترد الى مكتبها، وإن سألت عن معاملتك، قامت عن كرسيها الدوار، وانحنت مفتشة بين الملفات المكدسة لتجيبك، ولتخرج وأنت مبتسم الثغر، راض مسرور، فطلتها بهية، تسر الزائر، تسمعك مايرضيك، وحتى لو لم تتمكن من خدمتك، تعتذر منك ملتمسة عذرا من المواطن، حتى يحسبها أنها مذنبة، إنها الإدارة وكاريزما الموظف المثالي.

يالله! ما أكبر الفرق بين موظف يريد أن يعمل، وأتى من رضى وطيب نفس إلى عمله، وبين موظف ظن أن الكرسي له، ولا يعلم، أنه سيلحق بمن سبقه.

مقالات ذات صلة

إن وزارة التعليم العالي حاليا بحاجة لثورة بيضاء، بعد أن تم إقصاء الوزراء العارفين لعملهم، والكفاءات منهم، فليس لها إلا موظف يخاف ربه ويعمل بضمير، وللأمانة لا أحب التمجيد ولا الكذب ولا المداهنة، ولكن، مازال في التعليم العالي استاذ دكتور يعمل بذمة وضمير، وبابتسامة مشابهة لابتسامة جلالة الملك مع الشعب، يقف مع المواطن و المراجع للوزارة، إنه الأستاذ الدكتور عاهد الوهادنة، أمين عام الوزارة، فما أن تخرج من عند موظفة مغرورة، حتى تتفاجأ بملاقاة محيا ضحوك مبتسم، يلقاك ليحل مشكلتك البسيطة بكل سهولة ويسر، تجلس في مكتبه المكتظ بالمراجعين، تراه يساعد هذا وذاك، ضمن حدود القانون والإنسانية، أكرر الإنسانية، فمثلا طالبة لم تسجل مواد بسبب انهاء فترة السحب والإضافة، بسبب عدم توفر الرسوم الجامعية، فترى موظفي مكتبه يهاتفون الجامعة لتسهيل دراستها والتيسير على أهلها، إنها ليست واسطة، إنها ألاخلاق وعيش معاناة الفقراء ألأردنيين، سر إلى ألامام عطوفة عاهد الوهادنة، فلم يبقى لنا من العاملين في التعليم العالي إلا أنت.
وا أسفاه كم حزنت يوم أمس، بقدر خوفي على هذه الوزارة السيادية بنظري.

معاذ مهيدات

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك رداً

زر الذهاب إلى الأعلى